پ

من ماريا كساريس إلى ألبير كامو


من ماريا كساريس إلى ألبير كامو


من ماريا كساريس إلى ألبير كامو 

الإثنين 11 جويلييه 1949


حبيبي.

رسالتك لم تصلني إلاّ صباح اليوم، ومعها دفق من الحياة والحب. كنت أنتظرها. أنتظرها بفارغ الصبر منذ يوم الجمعة على أمل أن تصلني بسرعة. كنت أستمتع بلحظة انتظارها، الأمر الذي يعطي معنى ناعما لأيامي. وكنت أعزي نفسي دائما بأنها ستصل قريبا وسأقرأها، وسيكون عليّ تحمل لحظات صمت أقل حتى 25. إلا أنني بدأت أتساءل في هذا الصباح، ماذا لو لم تتمكن من إرسال بريدك؟ وصلت رسالتك في وقتها فهدّأتني. ومنحتني نشاطاً وحركة، فوضعت على وجهي هذه العلامة من السعادة التي تحبها جدّاً.


هي ذي رسالتك أمامي الآن، تتزاحم فيها الكلمات الدافئة، المتعانقة والملتصقة ببعضها، وتعلمني برسالة أخرى ستصلني بعد خمسة أيام، يعني بداية الأسبوع القادم. 


ها أنت الآن قد حققتَ هدفك، بعض أهدافك. 


أنت بعيد جدا، من الجهة الأخرى من الكرة الأرضية. مرحبا حبيبي. إقامة طيبة هنا، بالقرب مني. ها أنا ذي قريبة من تلك الأراضي المجهولة، داخل لغة مجاورة، لكنها غريبة في هذا الفضاء الذي لا يشبهني. بعيدا عن أوروبا، بعيدا عن بحري. أنا مبعثرة في الهواء، في الشمس، في المطر، في النار، في كل ما سأحبه لو فقط كنت معك. في كل شيء لأني أسعد عندما تكون قريبا مني ومحاذيا لجسدي. 


يجب أن تصلك هذه الرسالة في 15 لهذا عليّ أن أبعثها قبل هذا المساء. 


سأحاول أن أقلل من الكلام قدر المستطاع، ولو أنه من الصعب عليّ فعل ذلك. 


من ناحية العمل. قررنا تنفيذ أورفي orphée. بمجرد ما تأكدت من ذلك، تلفنت لهيبيرتو Hébertot  سأكون مضطرة إلى التغيب عن باريس كما كان مقررا لمدة تتراوح بين خمسة عشر يوما أو ثلاثة أسابيع على أقصى تقدير. أغلب الظن سيكون ذلك في شهر سبتمبر. التواريخ لم تُثبَّت بعد بشكل نهائي. أظهر المعلم طيبة كبيرة، واعتذر لكونه لا يستطيع أن يعطيني تفاصيل أدق عن فترة البروفات، أخبرني باستعادة علاقته بجيرار من أجل يانيك. وبقينا في هذه الحدود، غروجو في الواجهة. 


من جهة ثانية، هناك مشروع جديد جاء ليزاحم هذا وأحتاج إلى أن أحادثك في ذلك: كيليرسون kellerson  يريد أن يخرج من جديد "سوء التفاهم le Malentendu" بنفس التوزيع للأدوار. وأنا في دور مارتا. كان يريد أن نبدأ في التمرينات سريعا وعرض المسرحية في بداية الموسم، وبغض النظر عن انشغالي بالتزامات أخرى في تلك الفترة، يبدو من المزعج إطلاق مسرحية جديدة ونحن مازلنا في كاليغولا، فتضيف مسرحية ثالثة ل"مهرجان كامو 1949". لهذا قلت له إني لن أفعل شيئا دون الحصول على إذن منك. ولأنه أصر عليّ كثيرا للاتصال بك، وإقناعك بقبول المشروع، أجبته بأني لن أنصحك بشيء يمكن أن ينقلب ضدك. من أجل إرضائه. أرجو أن تكون لطيفا وتخبرني عن رأيك بأسرع ما يمكن حتى أستطيع أن أبعثه بشكل رسمي لكلليرسن. 


هذا كل شيء بالنسبة للعمل. أتعاون مع الراديو ببعض الحصص، يساعدني ذلك ماديا بشكل معقول. لم يعد لدي أي قلق مادي. على الأقل في فترة الصيف. أي بؤس هذا؟ وهذه الستديوهات المغلقة؟ في الوقت الحالي نسجل أوديت جوايو، ريجياني، بيريي، وأنا. مسرحية لجوايو التي على الرغم من بنائها السيئ وطولها الممل في بعض المواقع، لها إيجابيات. ليست من نوع النصوص التي أحب، ولكني أجد فيها بعض الأشياء اللطيفة. 


أما عن مشاريع العطلة. الطبيب زارنا. وضع أبي أفضل قليلا. ولكنه ما يزال ممنوعا من الأسفار الطويلة. بالمقابل، إذا تحسن وضعه الصحي، سنذهب هو وأنا وبيتو إلى إيرمونفيل وسنبقى هناك حتى نهاية شهر أوت (إلا إذا عدتَ قبل ذلك)، وفي هذه الحالة سيقرر الطبيب بأنه قادر على السفر بالقطار، ينتقل معنا إلى الجنوب الوسط، ويبقى هناك الوقت الذي يشاء. 

على كل، في الوقت الحالي، سنبقى في باريس، وأغلب الظن حتى شهر جويلييه. أترك لك سعة التخيل ما يمكن أن نفعله معا. 


الحياة الخارجية رتيبة. منذ سفرك، لا أبقى وحيدة إلا قليلا. التفاصيل اليومية ستجدها بعد عودتك في يومياتي التي أواظب على كتابتها كل مساء، فهي تريحني كثيرا. عموما أقضي كل وقتي تحت حمام الشمس في شرفتي، هي سطح سفينتي، أو في القراءة. 


(يتبع...)


ترجمة : واسيني

تعليقات