من ألبير كامو إلى ماريا كازاريس : أنتظرك، بخوف وحماس. أنتظرك بكليّ.

من ألبير كامو إلى ماريا كازاريس : أنتظرك، بخوف وحماس. أنتظرك بكليّ.




من ألبير كامو إلى ماريا كازاريس.

الجمعة 24 جوان 1949. 


أنتظرك، بخوف وحماس. أنتظرك بكليّ. 


حبيبتي. 

وصلتُ البارحة على الساعة السادسة مساء بعد رحلة استغرقت اثنتي عشرة ساعة، بدون مشاكل تُذكَر، فقط، انشداد قلبي لدرجة الألم، كلما عبرنا المدن المتلاحقة. نمت بشكل غير مريح. فقد انتابتني صور مفجعة. أشعر بنفسي اليوم، في عمق هذه الكوارث.  


سأُحاول أن أفعل شيئاً. من حسن الحظ يوجد ذلك الشيء الذي اسمه الوطن. أنت مخطئة في غيرتك منه. ما أحبه فيه هو ما أعشقه فيك. تلك القوة المظلمة والمشرقة في الوقت نفسه، القادمة من حنان خشن، من كروم سوداء، من أماس غريبة، ومن شجر السرو المرن والمستقيم مثلك. 


الرياح في هذا اليوم، تهبُّ بقوة. 


أمنيتي أن أجد قليلاً من السلام على حافة البحر، في هذه الإقامة الطويلة. ولو أني أعرف سلفاً أين أجد ذلك السلام الحقيقي: أن نكون معاً، وحيدين في هذا العالم، في حضرة الأبدية والحب.  



أشتهي على الأقل في هذه الشهور، أن أستعيد الطاقة التي أنا في حاجة ماسّة إليها، ليحقّق هذا الحب انتصاره. أعمل على ذلك بكل ما أملك من قوة. 


في انتظار ذلك، أفكّر فيك دوماً، في باريس، وفي الأيّام السعيدة التي تلازمني ذكراها. هي ما يساعدني على الصبر والعيش والاستمرار وانتظارك. أحيا بها. ما تبقّى لا يعدو أن يكون مجرد ضجيج ودوران في الفراغ، أستحضر تلك الأيام التي حولنا فيها جسدينا إلى أشلاء، لدرجة أنّي عندما خرجت، كنت تائها ومثخنا بحبك.  


اُكتبي لي بشكل أطول مثلما أفعل أنا معك كلما استجمعت قواي. 

أحبيني، أحبيني وواجهي العالم كله بهذا الحب، واجهيني وواجهي نفسك. هكذا أريدك أن تكوني. 


بي عطش مجنون إليك، في زمن جعل هذا الحب حروقا واندفاعات. 

حبيبتي، ستعود ساعات الحنان. يجب أن يستمر أبدا أجمل ما فيها، والآن.


أنتظرك، بخوف وحماس، أنتظرك بكليّ. 


أقبلك. أقبلك حبيبتي. 


المراسلات، ص: 123-124 


ترجمة : واسيني الأعرج




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-