من ماريا كازاريس إلى ألبير كامو : اسْتَسْلِمْ لِي وامْنَحْنِي فُرْصَةَ أنْ أسْنِدَك


من ماريا كازاريس إلى ألبير كامو : اسْتَسْلِمْ لِي وامْنَحْنِي فُرْصَةَ أنْ أسْنِدَك





من ماريا كازاريس إلى ألبير كامو 


اسْتَسْلِمْ لِي وامْنَحْنِي فُرْصَةَ أنْ أسْنِدَك
 



من حسن حظي، أني عندما عدت هذا المساء، وجدت رسالتيك (المؤرختين ب 31 ديسمبر، 1 جانفي) فزرعتا قليلاً من الدفء في قلبي. 


حتى هذا اليوم، أشعر بنفسي منفية. بعيدة عن العالم. لكن للأسف، كسرت عزلتي، واضطررت اليوم للذهاب إلى برنامج الراديو بعد الظهر، والعرض المسرحي مساء. على كل، كأن الجميع اتفقوا ضدي لكي يؤذوني. ولا يوجد إلا جمهور مسرحية: حالة حصار، الذي كان لطيفا معي. لكن الآخرين...  كأنهم اكتشفوا فجأة سعادتي فوضعوا اليد في اليد، لتدميرها. وماذا كانوا سيفعلون غير ذلك؟ 

على أن أتحمل يومين آخرين في العمل الراديو، وبعدها الراحة والسكينة الكاملة حتى 14 جانفي (موعد العرض المسرحي الثاني) ... وأنت؟ 


نعم... أنت؟ 


لو فقط كنت تعرف الشوق الذي يسكنني والحنين إلى حضورك؟ ولأن شعوري بالوحدة كبير هذا المساء، ولا يُقاوم، أشتهي حبيبي البكاء بلا توقف على صدرك ومعك. وكم أريد أن أتقوقع فيك، كالجنين. ها أنا ذي طفلة، صغيرة جدا بدونك. مُهانة. مُهانة بشكل مفجع. 


لندع هذا جانبا. 

ليلة رأس السنة لم أكن وحيدة. قضيت السهرة عند والدي وبيتو، حتى منتصف الليل والربع. نستمع في مذياعه إلى راديو إسبانيا. وفي انتظار الاثنتي عشرة رنة التي تطلقها ساعة وزارة الداخلية، الكبيرة (بويرتا دل صول: باب الشمس) كان علينا أولا تحمّل خطاب فرانكو، ثم الاستماع إلى الأغنية التي تؤديها إيديث بياف: la vie en rose، حتى أتصالح مع السماء. 


كنت عاطفية ولكني سعيدة وصبورة ومتصالحة مع نفسي. أبي كان متعبا في ذلك المساء.  وقمت بكل ما استطعته لتسليته. طوال ذلك لم تغب عني ولا دقيقة. وعندما دقت الساعة منتصف الليل، كان ذهني كله مركزا على الهدايا التي تنتظرني، لدرجة أن اختلط عليَ عدد حبات العنب. أكلت 16 حبة بدل 12 الاعتيادية. لا أعرف كيف حدث ذلك؟ لدرجة أن أبي خشي عليّ من انسداد أنفاسي، وسط قهقهات ميراي وأنجيل. 


عندما انتهينا كانت عيناي مليئتان بالدموع، وبشيء أسكتهم جميعا. 

ثم خلوت بك في شُقَقي الخاصة.  

هذا هو احتفالي برأس السنة. 


بسرعة، السبت أو الأحد؟ كم يبدو الوقت طويلا. أنا أيضا أشعر بشيء من القلق من فكرة رؤيتك، كما لو أن أمرا خطيرا سيحدث. حاول ألاّ تفكر كثيرا لأنك، ربما، ستُصاب بخيبة أمل، وسيكون الأمر محزنا. هل تعلم حبيبي أنني منذ الآن سأظهر تماما كما أنا، وكما اشتهيتُ أن أكون؟

احْكِ لي عن تلك المرأة "الملحاحة" التي تمنت بإصرار شديد أن تقاسمها حفلة رأس السنة؟ 

أحبك. تعال. ساعدني على تحمل مشقة الحياة. احمني أيضا. 

استسلم لي وامنحني فرصة أن أسندك بدوري. 

ضمني بكلي إليك. 


المراسلات، ص: 112-113


ترجمة واسيني لعرج




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-