من ألبير كامو إلى ماريا كازاريس
يوم الإثنين 27 ديسمبر 1948، على الساعة العاشرة.
ماذا أفعل إذا كانت الشمس هي أنت؟
أفضل ألاّ اعيد قراءة ما كتبته لك البارحة.
مصاب بإرهاق شديد بسبب قلة النوم. مزاجي عكر مثل شوارع الجزائر (العاصمة) تحت المطر. هذا الصباح أغرقت أشعة الشمس غرفتي. نمت عشر ساعات بلا أدنى حلم، بشكل يشبه حالة الاسترخاء الذي يعقب لحظة الحب.
النهار مدهش هنا. نسيت أن الجزائر مدينة الصباحات.
اليوم سأتغذى عند أمي. على أطراف المدينة، حيث قضيت شبابي كله.
كيف كانت جلسة غذائك البارحة؟ سأمنح ذراعي كله (أبالغ) مقابل أن أتجول برفقتك في هذا الصباح اليد في اليد، بالقرب من البحر، فقط لأدرِّبك على حبّ ما أحبُّ، يا ابنة الرياح الهاربة.
لم أنتبه. الشمس الآن على أوراقي، وأنا أرسم هذه الكلمات، وسط هذه البركة الذهبية من الأنوار. (وجدت البارحة، تعريفا للشمس في أحد الكتب: العين الذهبية الشرسة للأبدية. لكن رامبو هو من كان محقا: الأبدية هي البحر مخلوط بالشمس. كما ترين، صباحات الجزائر توقظ غنائيتي.)
أكتب بخط سيّء أكثر فأكثر، وبحروف صغيرة. لابد أن يعني ذلك شيئا ما. مع أني أشعر بقوة تكبر باستمرار. بقلب جديد. وبأجمل حب. أنتظر بصبر. هذا المساء سأفكر بشكل مختلف، بلا شك. في انتظار ذلك لدي كل اليقين الأكيد والمصرّ بهذا الحب. غوستاف دوري هو من قال، بالنسبة للفن، فهو يملك صبر ثور. هذا الصباح أنا ثور في الحب. (ليس تماما.).
هل كتبتِ لي على الأقل؟ بصبري المعهود، أتجهم بمجرد التفكير في تلك الساعات والأيام التي ضاعت. لا يمكنني أن أفكر في أمسياتنا أمام المدفأة، دون انشداد في القلب. لا أعتقد أنك ستحافظين عليها في غيابي. معتادة. حاولي على الأقل أن تسهري عليها.
دهاليزك المظلمة بداخلك، تشبهك.
بعد أسبوع سأكون هناك لاختطافك. بعد أسبوع... ها أنذا قليل الصبر.
أكتبي لي طويلا، وابعثي لي قليلا منك في هذه المدينة التي تنتظرك. أديري وجهك باتجاهي وابقي هكذا، وأحبيني بجنون مثلما فعلتِ معي ليلة 24، في منتصف الليل، وإذا كنت في حالة كآبة، اعذريني على حيويتي الزائدة في هذا الصباح. ماذا أفعل إذا كانت الشمس هي أنتِ؟
أقبلك حبيبتي بكل ما أملك من قوة.
المراسلات: ص 99-100.
ترجمة : واسيني الأعرج