مختارات من قصائد تشارلز بوكوفسكي

Charles Bukowski




مختارات من قصائد تشارلز بوكوفسكي

ترجمة : خالد الجبيلي



التوأم

كان يُلمح أحياناً إلى أنني ابن حرام، فأقول له أن يستمع إلى برامس، وأن يتعلّم الرسم والشرب، وألاّ يدع النساء والدولارات تتحكّم به.

لكنه يصرخ في وجهي ويقول: بحق المسيح، تذكّر أمّك، تذكّر بلدك،

ستقتلنا جميعاً.


أطوف في أرجاء بيت أبي (الذي اشتراه بـ 8000 دولار بعد عشرين سنة من العمل في الوظيفة نفسها) وأنظر إلى حذائه القديم

كيف جعّدت قدماه الجلد، كما لو كان يزرع الورود وهو غاضب، وكان غاضباً بالفعل، وأنظر إلى سيجارته الميتة، آخر سيجارة له

وآخر سرير نام فيه في تلك الليلة، وأشعر بأن عليّ أن أرتبّه،

لكني لا أستطيع، لأن الأب يظلّ سيّدك حتى لو مات؛

أظن أن ذلك تكرر كثيراً، فقلت في نفسي

أن تموت فوق أرض المطبخ في السابعة صباحاً

بينما الآخرون منهمكون في قلي البيض

ليس شيئاً قاسياً

إلاّ إذا كان ذلك يحدث لك أنت.

أخرجُ إلى الحديقة وأقطف برتقالة وأقشّرها؛

لا تزال الأشياء حيّة: فالعشب ينمو جيداً،

والشمس ترسل أشعتها محاطة بقمر اصطناعي روسي،

وكلب يعوي مسعوراً في مكان ما، والجيران يختلسون النظر من وراء ستائر نوافذهم.

أنا غريب هنا، وكنت دائماً (كما أظن) الشرير.

لا ريب أنه رسمني جيداً (تشاجرنا مثل أسدين جبليين) ويقولون إنه ترك كلّ شيء لامرأة

تعيش في دوارت، لكن كل هذا لا يهمني – يمكنها أن تحصل على كلّ شيء: فهو أبي

وقد مات.

داخل البيت، أرتدي بدلته الزرقاء الفاتحة اللون

أفضل من أي شيء ارتديته طوال حياتي

وأرفرف بذراعيَّ مثل فزاعة في الريح

لكن كلّ ذلك لا يجدي نفعاً:

لأنني لا أستطيع أن أعيده إلى الحياة

مهما كره أحدنا الآخر.

أصبحنا نبدو متشابهين تماماً، ربما كنّا توأمين.

أنا وهو: هذا ما كانوا يقولونه.

كان قد أعدّ شتلات الزهور

ليزرعها

بينما كنتُ مستلقياً مع عاهرة من الشارع الثالث.

في هذه اللحظة، أقف أمام المرآة

في بدلة أبي الميت

أنتظر أن أموت

أنا أيضاً. 

تعليقات