تدشينات 1
الكاتب: غونسالو م. طافاريش
Gonçalo M. Tavares
(البرتغال، 1970)
اختيار وترجمة: سعيد بنعبد الواحد
كان الزعيم متوترا. يذهب من جهة إلى أخرى.
ـ لا شيء يُدشن، لا شيء! هؤلاء الرجال لم يصنعوا ولو كرسيا واحدا. لا شيء جاهز للتدشين.
ـ ولو إبرة واحدة، أيها الزعيم.
ـ ولو إبرة واحدة يمكن تدشينها ـ همهم المستشار الثاني. ـ ولو إبرة واحدة.
ـ ولو إبرة من هذا الحجم ـ ألح المستشار الأول، وهو يجمع، في حركة معبرة، الإبهام والسبابة ـ ولو إبرة من هذا الحجم! من هذا الحجم!
ـ لا شيء!
كان المستشاران كأنهما قد انبهرا بذلك الخطاب الطويل والممل.
ـ لم يصنعوا ولو ثقب إبرة واحد!
ـ لا شيء. ولو ثقب إبرة واحد!
ـ ولو نصف ثقب إبرة واحد.
ـ لا شيء، لا شيء!
ـ كفى! ـ صاح الزعيم ـ لا أطيق سماعكما!
ـ نحن سنصمت، أيها الزعيم.
ـ خطرت ببالي فكرة ـ صاح فجأة المستشار الأول.
ـ ممتاز!
ـ فكرتي هي كالتالي: هل سبق للسيد الزعيم أن زار مرة هذه الأرض القبيحة، الباردة، الجرداء، بل والمقرفة، بشكل ما، رغم أنها تعد بالكثير.
ـ أنا؟ طبعا لا. هل جننت؟!
ـ إذا ها قد وجدنا الحل!
ـ أي حل؟!
ـ يمكن أن ندشن قدومكم إلى هذه الأرض. إنها المرة الأولى التي يحل فيها الزعيم بهذا الفضاء. أليس هذا أمرا رائعا؟
ـ ها قد بدأت تعجبني الفكرة. إن لها معنى.
ـ لن يُنجز شيء أهم من هذا في هذه الأرض.
ـ لا تبالغ كثيرا ـ همس الزعيم، بينما هو يكاد يختنق من الفرح الذي يعلو ذقنه.
ـ ربما، يجب أن يدشن أحدنا حضور سعادتكم بهذه الأرض، أيها الزعيم. ما رأيكم؟
ـ أنا بنفسي سأُدشّنُ حضوري بهذه الأرض!!
ـ هذا ليس بالأمر الهين ـ قال المستشاران بصوت واحد ـ أن يُدشِّنَ المرء ويكون هو الشيء المُدَشَّنَ في نفس الوقت ...
حينئذ، وهو يرفع بحزم ذقنه في اتجاه السماء، رد الزعيم بشكل قاطع:
ـ أنا رجل يحب مواجهة المصاعب.
وكذلك كان.