الرجل الذي كبرت أذنه | إغناسيو دي لويولا برانداو





الرجل الذي كبرت أذنه

الرجل الذي كبرت أذنه


الكاتب:  إغناسيو دي لويولا برانداو

Ignácio de Loyola Brandão
 (البرازيل، 1936)

اختيار وترجمة: سعيد بنعبد الواحد




كان منهمكا في الكتابة، شعر بأذنه ثقيلة. ظن أنه التعب. كانت الساعة الحادية عشرة ليلا وهو لا يزال يعمل لساعات إضافية. يشتغل كاتبا بإحدى شركات النسيج، أعزب، في الخامسة والثلاثين، أجره ضئيل، لذلك كان موارده بساعات إضافية. لكن الثقل كان يزداد، وأحس أن أذنيه تكبران. مرر يده على أذنيه هلعا. من الممكن أن يكون طولهما عشرة سنتيمترات. كانتا رخوتين كأذني جرو. هرع إلى الحمام. كانت الأذنان تصلان إلى مستوى الكتف ومازالتا تكبران. بقي ينظر. أذناه كانتا تكبران، تصلان إلى الحزام. كانتا رقيقتين، مضغوطتين، كأنهما شريحتان من لحم، متجعدتان. بحث عن مقص، كان على وشك أن يقطع أذنه، لا يهمه أن يكون الأمر مؤلما. لكنه لم يجده، جوارير الكاتبات كانت مغلقة. وخزانة المعدات أيضا. من الأحسن أن يسرع إلى الفندق فورا ويغلق على نفسه قبل أن يتعذر عليه المشي في الشارع. لو كان لديه صديق أو حبيبة لعرض عليه ما يجري. لكن الكاتب لم يكن يعرف أحدا إلا زملاءه في المكتب. زملاء وليسوا أصدقاء. فتح القميص ودس أذنيه بداخله. لفّ الفوطة على رأسه، كما لو كان جريحا.

حين وصل إلى الفندق كانت أذنه تخرج من رجل السروال. نزع الكاتب الملابس. استلقى على الفراش، تتلمكه رغبته كبيرة في النوم والنسيان. وماذا لو ذهب عند الطبيب؟ طبيب مختص في أمراض الأذن والأنف والحنجرة. في هذه الساعة من الليل؟ كان ينظر إلى الطلاء الأبيض. عجز عن التفكير، فنام يائسا.

حين اسيقظ، رأى عند أسفل السرير جبلا يبلغ علوه حوالي ثلاثين سنتيمترا. الأذن كبرت والتفّت كأنها كوبْرا. حاول أن ينهض. الأمر صعب. كان عليه أن يثبت الأذنين الملتفتّيْن. كانتا ثقيلتيْن. بقي في السرير. وأحس بأن أذنه تكبر مصحوبة بدغدغة خفيفة. الدم يجري والأعصاب والعضلات والجلد تتشكل بسرعة. في الساعة الرابعة زوالا كانت الأذن تحتل كل السرير. أحس الكاتب بالجوع والعطش. في العاشرة ليلا كان شخير ينبعث من بطنه. سقطت الأذن خارج السرير. نام.

استيقظ وسط الليل على صوت الأذن وهي تكبر. نام من جديد. وحين استيقظ في الصباح الموالي كانت الأذن تملأ الغرفة. كانت فوق خزانة الملابس، تحت السرير وفي حوض الحوت. كانت تضغط على الباب. عند منتصف النهار كسرت الأذنُ البابَ وخرجت عبر الممر. بعد ساعتين ملأت الممر. اجتاحت المبنى. هرب النزلاء إلى الشارع. نادوا على الشرطة ورجال المطافئ. خرجت الأذن إلى الحديقة. ثم إلى الشارع.

جاء الجزارون بالخناجر والفؤوس والمناشير. قضوا اليوم كله يقطعون ويراكمون. أمر الوالي بتوزيع اللحم على المحتاجين. جاء سكان الأحياء الصفيحية، ومنظمات المساعدة الاجتماعية، والجمعيات الدينية، وأرباب المطاعم، وبائعو اللحم المشوي عند أبواب الملاعب الرياضية وربات البيوت. جاؤوا بالسلال والعربات والشاحنات. أخذت الساكنة كلها لحم الأذن. ظهر رجل إداري، جاء بأكياس أزبال بلاستيكية، نظم الصفوف وقام بتوزيع حصص اللحم.

لمّا أخذ الجميع اللحم لذلك اليوم والأيام الأخرى، بدأوا بتخزينه. وضعوا مطامير، وثلاجات وبرّادات. حين لم يعد لديهم مكان يخزنون فيه اللحم نادوا سكان مدن أخرى. جاء جزارون جدد. الأذن كانت تكبر، يقطعونها فتكبر، والجزارون يشتغلون. وجاء جزارون آخرون. وتعب من العمل جزارون آخرون. لم تعد المدينة تطيق لحم الأذن. طلب الناس الحماية من الوالي. ورفع الوالي الأمر إلى الحاكم. ورفعه الحاكم إلى الرئيس.

وحين لم يتبق أي حل، وفي الشارع الغارق في اللحم، قال طفل لأحد رجال الشرطة : "لماذا لا تقتل، يا سيدي، صاحب الأذن؟".



تقدّم لكم(ن) مدونة منهجيّتي، في هذا الركن الثقافي والأدبي المتفرّد، باقة متنوعة من قصص وقصص عربية، وأيضاً قصص الاطفال، قصص للأطفال، وهي قصص قصيرة، قصص اطفال، كما أنها قصص واقعية، مثل قصص الحب، قصص حب، وقصص الأميرات، قصص الاميرات، بالإضافة إلى أن هناك عدة قصص اطفال مكتوبة، قصص للاطفال، قصص المكتبة الخضراء، وقصص قبل النوم، قصص اطفال pdf، قصص أطفال pdf، ومجموعة كبيرة جدا من قصص وحكايات : قصص رومانسية، قصص اطفال قبل النوم، قصص الاطفال قبل النوم، قصص للاطفال قبل النوم، قصص حب قصيرة، قصص بالانجليزية، قصص انجليزية، قصص قصيرة للاطفال pdf، قصص للأطفال بالفرنسية، قصص باللغة العربية. 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-