منهجية تحليل قصيدة الشعر الحديث / شعر تجديد الرؤيا


منهجية تحليل قصيدة الشعر الحديث / شعر تجديد الرؤيا

منهجية تحليل قصيدة الشعر الحديث / شعر تجديد الرؤيا



التقديم :

 نُشير في التقديم إلى شروط إنتاج حركة تجديد الرؤيا والمتمثلة أساسا في الأزمة الوجودية التي صار يعيشها الإنسان العربي عموما والمبدع على الخصوص نظرا إلى شدة حساسيته إزاء الواقع ومتغيراته. ونُشير أيضا إلى تخلي شاعر تجديد الرؤيا عن معاني القصيدة القديمة أو قصيدة حركتي إحياء النموذج وسؤال الذات، وبحثه عن مضامين جديدة تتماشى مع ما يحياه من نكبات ونكسات عصفت بماضي الأمة وذاكرتها.
أما إشكال الدراسة فهو الآتي : ما الرؤيا التي يحملها الشاعر في قصيدته الماثلة أمامنا ؟ وما مظاهر التجديد فيها ؟

٠  الملاحظة وفرضية القراءة :

 يتعين في هذا الإطار التركيز على ورود رمز في عنوان القصيدة أو بدايتها، أو ورود بنية تركيبية بسيطة الشكل عميقة المعنى، وذلك لافتراض تجديد الرؤيا، ثم الدعوة إلى التحقق من الفرضية بالدراسة والتحليل.
٠ مضامين القصيدة : وهي عبارة عن فقرة نجمل فيها الأهم من معاني القصيدة بالأسلوب الشخصي وبلغة مباشرة. وهذه طريقة تعفي من عناء فهم النص سطرا سطرا.

٠  التحليل : 

وهي مرحلة من الدراسة نقوم فيها بتعميق الفهم وتفصيله، فتُركّز على المعاجم والخصائص الفنية من استعارة وتشبيه وأساليب وإيقاع، على أن نبقى في الغالب مرتبطين بالإشكال المثار في التقديم.

٠  المعاجم :

 يُفترض أن تكون المعاجم في هذا المستوى من التحليل متطابقة مع الرؤيا الشعرية التي يحملها الشاعر، وينقلها إلى المتلقي. وبالنظر إلى تباين الرؤى الشعرية بحسب شعراء لم يريدوا السقوط في نماذج ثابتة كما فعل الذين سبقوهم، فإنه من الصعوبة حصر معاجم بعينها. إلا أنه يمكن الاستئناس بالآتية :
معجم الاغتراب : فشاعر تجديد الرؤيا اغترب وأحس بالوحدة في محيطه القريب : في أسرته والشارع والوطن، بل إنه ذاق هذا الإحساس في الوجود ككل.
معجما الحياة والموت : تفاعلت في تجربة شاعر تجديد الرؤيا ثنائية الحياة والموت : فبالرغم من أن جميع ما يحيط به من تفاصيل يحيل على الموت واضمحلال الأمة، فإنه ظل متشبثا بالأمل والثقة في الغد الأفضل.
*معجم التمرد والرفض : قد نجد في القصيدة ألفاظا رافضة للوضع القائم وللماضي فنعدها من معاجم القصيدة.
٠ معجم الاستشراف : ونقصد به استشراف الشاعر(ة) لآفاق مستقبلية مباينة للقائم والمتفق عليه. وتجدر الإشارة إلى أن معاجم شعراء هذه الحركة التجديدية تسهم في بناء معاني القصيدة والتعبير عن تجربة الشاعر، إضافة إلى صياغة الرؤيا الشعرية في القصيدة.
انطلاقا من معاجم القصيدة نستخلص الرؤيا الشعرية في القصيدة التي قد تكون رؤيا الاغتراب، أو رؤيا انبعاث الحياة من الموت أو رؤيا التمرد أو رؤيا الاستشراف ...

* الأساليب الفنية في القصيدة : 

نتدرج في دراسة الأساليب وفق المطلوب في هذا المستوى في ورقة الامتحان. أما إذا جاء المطلوب عاما يحيل على الأساليب الفنية ووظائفها بشكل عام فإنني أقترح اتباع التدرج الآتي : الصورة الشعرية، والأساليب (نعني بها طبيعة الجمل الموظفة في القصيدة) ، والإيقاع بنوعيه الخارجي والداخلي.

- الصورة الشعرية

* التشبيه : ما تنتظره من التشبيه في الصورة عند شاعر تجديد الرؤيا هو تباعد طرفيها خلافا لما كرسه نموذج الأولين من تقارب. ما ننتظره كذلك هو أن يرد متناسلا عبر أكثر من سطر.
* الاستعارة : نتوقع أن تكون استعارة حركة تجديد الرؤيا مبنية تتناسل عبر أسطر القصيدة. وأن يغيب فيها التناسب خلافا لحركة إحياء النموذج أو شعر بعض شعراء سؤال الذات اللذين عادة ما كانا يناسبان بين المستعار منه والمستعار له.
* الرمز : قد ترد بعض الرموز في قصيدة تجديد الرؤيا فنعمل على الإشارة إلى ما تُحيل عليه من دلالات، رابطين إياها بالرؤيا الشعرية للقصيدة.
* الأسطورة : يستثمر الشاعر الحديث أساطير الأولين وما اختزلته من تجربة خصبة مرَّت بها الإنسانية عبر التاريخ.

- أساليب الخبر والإنشاء :

 نركّز في هذا الإطار على الجمل الفعلية والاسمية من حيث هيمنة إحداها على الأخرى، كما نركز على الجمل الإنشائية والخبرية، وعلى بعض من حالات خروج الأسلوب الإنشائي عن معناه الحقيقي لإفادة معنى آخر يُدرك من خلال السياق. يمكن كذلك التركيز على الضمائر المهيمنة.

- الإيقاع

* الخارجي : ندرس في هذا الإطار مظاهر تكسير بنية القصيدة القديمة على مستوى الإيقاع، فتشير إلى التخلي عن نظام الشطرين المتناظرين، وعلى وحدة الوزن والقافية وحرف الروي. فقد اختار شاعر تجديد الرؤيا على غرار شاعر تكسير البنية إيقاعا جديدا يقوم على السطر الشعري والجملة الشعرية التي تتوافق ودفقاته الشعورية. كما اختار تنويع قوافيه تارة، والتخلي عن القافية تارة أخرى، كما تصرّف في الوقفات العروضية والدلالية.
* الداخلي : نُعزّز دراستنا للإيقاع الخارجي بالداخلي لنقف على ظاهرة تكرار المتجاور والمتكافئ من أصوات القصيدة ومعجمها وتراكيبها، ونقف على وظيفة ذلك وهي إضفاء جمالية على النص واستمالة المتلقي والتأثير فيه.

٠ التركيب

وهو خلاصة نجمع فيها النتائج التي توصلنا إليها. نشير باختصار إلى مضمون القصيدة ومعاجمها وصورها وأساليبها وإيقاعها، ثم ننتقل إلى تمثيل القصيدة للاتجاه الشعري فتجمل ذلك في تجديد الرؤيا الشعرية، وتكسير البنية العروضية، وتجاوز ذلك إلى الإشارة إلى تكسير بنية التصوير والبنية المعجمية للقصيدة، علاوة على اعتماد الرموز والأساطير التي كانت معادلا وجوديا لتجربة الشاعر.

تعليقات