منهجية تحليل قصيدة إحياء النموذج


منهجية تحليل قصيدة إحياء النموذج

manhajiat tahlil qasidat 'iihya' alnumudhaj


إحياء النموذج

حركة إحياء النموذج أو مدرسة البعث والإحياء حركة شعرية نشطت في نهاية القرن التاسع عشر. أخذت الحركة على عاتقها مسؤولية إحياء القصيدة العربية بعد أن انحطت وتدهورت وخبا بريقها بفعل تخلف البلاد العربية في مختلف الميادين الأدبية وغير الأدبية. أما النموذج المبعوث فقد صنعه القدامى منذ شعر الجاهليين مرورا بشعر صدر الإسلام فالشعر العباسي. ونستطيع رصد خصائص هذا النموذج الذي
عمل شعراء إحياء النموذج على بعثه في الخصائص الآتية :
٠ النظم وفق نظام الشطرين المتناظرين،
٠ وَحْدَةُ القافية وحرف الروي،
٠ النظم في أغراض بعينها كالمدح والهجاء والغزل والرثاء والفخر،
٠ اعتماد هيكل مخصوص للقصيدة النموذجية كالابتداء بالوقوف على الطلل، والانتقال إلى وصف الرحلة والراحلة (الفرس على سبيل المثال) ، ثم الانتقال إلى الغرض
٠ اختيار اللفظ الجزل والمستقيم فلا يكون غريبا أو خشنا ،
٠ اختيار المعنى الشريف والصحيح ، فلا يكون مبتذلا أو وضيعا
٠ الإصابة في الوصف الذي يتعين عليه نقل الموصوف إلى القارئ أو المستمع واضحا جليا دون غموض،
٠ المقاربة في التشبيه الذي يتعين على طرفيه أن يكونا قريبين إلى بعضهما إلى حد صحة القلب، فنقول على سبيل المثال : خدّ كالورد ووردٌ كالخدّ
٠ المقاربة بين المستعار منه والمستعار له بحيث لا يتباعدان عن بعضهما كاستعارة الأسد للرجل بجامع القوة.
تلك، إذن، هي المقومات التي ميزت قصيدة القدامى، والتي عمل شعراء إحياء النموذج على بعثها وإحيائها نذكر من هؤلاء رائد الحركة محمود سامي البارودي وأمير الشعراء أحمد شوقي وشاعر النيل حافظ إبراهيم، وهم من مصر، ومعروف الرصافي ومحمد مهدي الجواهري من العراق، ومحمد الحلوي أو محمد بن إبراهيم من المغرب...
فكيف ندرس قصيدة تنتمي إلى هذا الاتجاه؟

منهجية الدراسة

التقديم : 

ويشمل عناصر ترتبط باندحار القصيدة العربية وانحطاطها بسبب تخلف البلاد العربية، وسقوط النظم في الزخرفة واللعب اللفظي. كما يرتبط بالقرن التاسع عشر وسؤال الخروج من هذا الوضع والذي أثاره شعراء انتظموا فيما بعد في اتجاه سُمِّي بحركة البعث والإحياء أو حركة إحياء النموذج. ثم نشير إلى ارتباط الشاعر المدروس بالمدرسة، ونقدم الإشكال في آخر التقديم وهو : ما مظاهر آثار القدامى في النص الماثل أمامنا؟

الملاحظة وفرضية القراءة :

 نلاحظ الشكل الخارجي للنص فيتبين لنا نظام الشطرين المتناظرين ووحدة حرف الروي. وقد تتبين لنا الوقفة على الطلل أو تراكم ألفاظ قديمة في بدايته، فنفترض من كل ذلك تقليدية القصيدة وإحياءها لنموذج الأولين، ثم ندعو إلى التحقق من ذلك بالدراسة والتحليل،
مضامين القصيدة : وهي عبارة عن فقرة نجمل فيه الأهم من معاني القصيدة بالأسلوب الشخصي وبلغة مباشرة. وهذه طريقة تعفي من عناء فهم النص بيتا بيتا.

التحليل :

 وهي مرحلة من الدراسة نقوم فيها بتعميق الفهم وتفصيله، فنُركّز على المعاجم والخصائص الفنية من استعارة وتشبيه وأساليب وإيقاع، على أن نبقى في الغالب مرتبطين بالإشكال المثار في التقديم.
المعاجم : يُفترض أن تكون المعاجم في قصيدة إحياء النموذج ممثلة للاتجاه، لذلك ننتظر أن تكون من قبيل:
* معجم الغرض : فقد نجد معجم رثاء أو مدح أو فخر أو غزل،،
* معجم تقليدي : فقد نجد في القصيدة ألفاظا قديمة وردت في النص واستوحاها الشاعر من القدامى مثل القريض والهزبر والكميت وغيرها،،
* معجم القيم : فقد احتفل الشاعر القديم بمعاجم قيمية كالشجاعة والوفاء والمروءة والصبر، كما أن شاعر إحياء النموذج اتبعه في هذا الإطار،
- تجدر الإشارة إلى أن هناك معاجم أخرى ترتبط بمضمون القصيدة يمكن الوقوف عندها، وعند العلاقات فيما بينهما ؛ فقد تكمل المعاجم بعضها ، وقد تتعارض فيما بينها أو تتفاعل أو يستلزم بعضها البعض الآخر،
- تجدر الإشارة كذلك إلى أن المعاجم تقوم بوظيفة بناء المعنى ونقل تجربة الشاعر إلى المتلقي.
الأساليب الفنية في القصيدة
- نتدرج في دراسة الأساليب وفق المطلوب في هذا المستوى في ورقة الامتحان. أما إذا جاء المطلوب عاما يحيل على الأساليب الفنية ووظائفها بشكل عام، فإنني أقترح اتباع التدرج الآتي : الصورة الشعرية، والأساليب (نعني بها طبيعة الجمل الموظفة في القصيدة)، والإيقاع بنوعيه الخارجي والداخلي.
- الصورة الشعرية : ندرس في هذا الإطار التشبيه والاستعارة بحسب المتاح في النص. وينبغي الحرص على اختيار التشبيه القريب والاستعارة المتناسبة تحضيرا للإجابة عن الإشكال.

* التشبيه : نحصره في البيت الشعري ثم نحدد أطرافه، وهي المشبه والمشبه به والأداة ووجه الشبه، ثم نبين وظيفته في القصيدة والتي غالبا ما تكون في قصيدة إحياء النموذج بمثابة توضيح لمضمون أو تزيين لمعنى.
* الاستعارة : نحصرها في البيت الشعري ثم نحدد أطرافها ، وهي المستعار منه والمستعار له والجامع بينهما، ثم نبين وظيفتها في القصيدة والتي غالبا ما تكون توضيحا أو تزيينا في قصيدة إحياء النموذج.
- أساليب الخبر والإنشاء : نركز في هذا الإطار على الجمل الفعلية والاسمية من حيث هيمنة إحداها على الأخرى، كما نركز على الجمل الإنشائية والخبرية، وعلى بعض من حالات خروج الأسلوب الإنشائي عن معناه الحقيقي لإفادة معنى آخر يُدرك من خلال السياق يمكن كذلك التركيز على الضمائر المهيمنة ؛ فقد يهيمن ضمير المخاطب، مثلا، فيفيد في الإجابة عن الإشكال مادامت القصيدة الإحيائية اهتمت بالآخر أكثر من اهتمامها بالذات.
- الإيقاع
٠ الخارجي : ندرس في هذا المستوى من التحليل عمودية القصيدة فنركز على البحر المعتمد والذي يُفترض في قصيدة إحياء النموذج أن يرتبط ببحور القدامى من طويل وبسيط وكامل ووافر . ثم ندرس تناظر الشطرين ونحدِّد القافية ونقف عند وحدتها ووحدة حرف الروي.
* الداخلي : نُعزّز دراستنا للإيقاع الخارجي بالداخلي لنقف على ظاهرة تكرار المتجاور والمتكافئ من أصوات القصيدة ومعجمها وتراكيبها، ونقف على وظيفة ذلك وهي إضفاء جمالية على النص واستمالة المتلقي والتأثير فيه.

التركيب

وهو خلاصة نجمع فيها النتائج التي توصلنا إليها. نشير باختصار إلى مضمون القصيدة ومعاجمها وصورها وأساليبها وإيقاعها، ثم ننتقل إلى الوقوف عند درجة تمثيل القصيدة لنموذج القدامى، وذلك ببيان آثارهم فيها والذي يظهر من خلال الاختيار المعجمي والتصوير والإيقاع ونستخلص من ذلك أن الشاعر قد نجح في تقليدهم أو أنه لم يتمكن من السير على طريقتهم وإن حاول تقليدهم.

تعليقات