تماسيح مصممة لقول شيء ما / سعيد منتسب

 

تماسيح مصممة لقول شيء ما


صدر حديثاً عن دار خطوط وظلال للروائي والقاص المغربي سعيد منتسب المجموعة القصصية المختلفة وهي مشابك قصصية بعنوان "تماسيح مصممة لقول شيء ما"، حيث يدخلنا القاص سعيد منتسب في متاهة رهيبة من المخابئ السردية. والمفارقة أننا لا نعرف حقا من المحتجز داخل المتاهة، هل هي التماسيح أم القارئ أم الكاتبُ نفسه؟


نشعر ونحن نقرأ هذا الكتاب بأننا في قبضة حيلة ما، ولا نستطيع الخروج من فخاخها إلا بالقدر الذي يسمح لنا بالتنفس بين الحين والآخر الجرعة التي تجعلنا على قيد القراءة. ذلك أن نطاق التماسيح يتسع في كل الاتجاهات والأبعاد، مما يفضي إلى نمو متواليات هندسية يتراكم عبرها المزيد من الأشكال.


كل قصة في هذا الكتاب توحي بأن التمساح إلى حد ما ليس هو ذلك الافتراس الحي ذو الفكوك القوية. بل هو تلك الورطة الوجودية التي تتخذ أشكالا متنوعة من الأقنعة، الأمر الذي يسمح للنصوص بأن تكون على اتصال بعضها.


ليست التماسيح في هذا الكتاب مجرد تماسيح تنهض دائما في البراري والأحواض والغابات والأنهار والمستنقعات والمحميات والحدائق، بل هي كائنات تأتي من مكان آخر يقع أحيانا خارج المكان، بل على الأرجح من سلسلة من الانهيارات العجائبية غير المتوقعة، أو من تراكم تركيبي متشابك يفضي إلى الفناء الخلفي للانمساخ، أو من نصوص تجمعت آثارها الخفية في أعماق الكاتب. مسوخ تتطلع إلى أعلى. تتكلم، وتمشي في الأسواق، وتقرأ الكتب وتفكر وتحاجج، وتلج المقاهي والحانات والفنادق والمكتبات، وقد تخرج من القبور أو تحلق فوق الرؤوس، وقد تمضي مبتعدة إلى عصرها الجليدي. لكنها تتفق كلها على أنها خطأ كبير، ومن هذا الخطأ تظهر بعض الصلات والقطائع التي تظل، مع ذلك، غامضة.


إنها تماسيح/ نصوص تغوي بالنظر إليها وافتراض أن هناك حقيقة حيوية أخرى ينبغي الإقرار بوجودها؛ فكل تمساح يفتح لنا بأساليب غامضة منفذا سرديا إلى أضداده أو خُلُوفِه. الكثير من المواقف المدهشة. العجائبيات الأصيلة. الاحتمالات الساخنة.


لا أحد على الإطلاق سيتوقع ما حدث، أو ما سيحدث، ما دامت تماسيح منتسب تتصف بأعظم ثقة كأن لا وجود للبشر، وما دامت في سبيلها للقضاء على كل شيء..

تعليقات