قصة قصيرة - كلامُ النّباتات - كارلوس دْرومونْد دي أنْدرادي

 

قصة قصيرة  - كلامُ النّباتات - كارلوس دْرومونْد دي أنْدرادي


Carlos Drummond de Andrade
(1902-1987)

اختيار وترجمة: سعيد بنعبد الواحد.

قصة قصيرة  - كلامُ النّباتات - كارلوس دْرومونْد دي أنْدرادي




                               كلامُ النّباتات 

لا يخفى على العارفين أنّ للنّباتات لُغة، أو، حتى نكون أكثر دقة، لكُلّ نباتٍ لغة خاصّة به. وبما أنّ أنواع النباتات لا حدّ لها، فإنه يستحيلُ على العقل، مهما كان ذكيا، إدراك كلّ أصواتِ النباتات. فقط أكثر الناس ذكاءً من بين بني البشر يستطيعون فهمَ حديثٍ بين نَبتتيْن من فصيلتيْن مختلفتيْن: تستعملُ كل واحدة منهما مفرداتها، كما يقعُ، مثلاً، في حوار يتحدّث فيه "ألف" بالإسبانية ويجيبُه "باء" بالألمانية.

ليفينْدو، بستاني له تجربة وخبرة، تمكّن من إتقان ما يتقاطعُ منْ لغاتٍ في الحديقة. قد يقول شخصٌ عادي إنه لا يُسمع أيّ شيء، إلاّ من طنين الذباب والخنافس، لكن هو كان يُميّز تنهيدةَ زهرةٍ بنفسجيّة، ولم تكن مُسارّاتُها للحُبّ المثالي تُشكّل سرّاً على مسامِع ذلك الرّجل. 

حتى جاء يومٌ ارتابت فيه النباتاتُ وشكّت في أنها تتعرّضُ للتجسّس فخطّطت لمُؤامرةِ صمتٍ ضدّ ليفينْدو. أصبحت تتواصلُ فيما بينها بواسطة إشارات على درجة عالية من السّرية، تتجدّدُ كلّ أسبوع. عبثاً كان البستاني يُقرفصُ طوال الليل في الحديقة، على أمل أنْ يفكّ الشّفرة. أُصيبَ بالجُنون. 

فقدَ ليفينْدو وظيفتَه، لكنّ الأمور لم تعُد إلى طبيعتها. فقد نسيت النباتاتُ عادتها في الحديث بشكلٍ مباشر. لم تعُد تتفاهمُ فيما بينها، أضحت تتشاجر ساقاً لساق، ولقيت كثيرٌ منها حتْفَها أثناء القتال. اجتاحَ قطيعُ الماعز الحديقة، ورعَى ما تبقّى من النباتات.

تعليقات