قصة قصيرة / عودةُ الرُّؤوس - كارلوس دْرومونْد دي أنْدرادي
Carlos Drummond de Andrade
(1902-1987)
اختيار وترجمة: سعيد بنعبد الواحد.
عودةُ الرُّؤوس
في تلك البلاد، كان البرلمانيّون يشتغلون من دون رُؤوس، ولم يكونوا على وعْيٍ بذلك. كانت الأجسادُ تتحرّك كأنَّ آلةَ تفكيرٍ، مركزيّة وسَبَبِيّة، هي التي تُوجّهُها، عند أعلى العنق، وكلُّ شيء يسيرُ بشكل عادي - حالةٌ عاديّة خاصّة، لا داعي للتأكيد على ذلك.
ذات يومٍ، انتبه أحدُ النّواب إلى غياب رأسه فشعَر بالحرَج. لم يعُد يقوم بالحركات بنفس الدّقة، وكان يشعُر بما يمكن أن يُسمّى آلامَ رأسٍ من دون رأس.
استدعى بعضَ زملائه وشرحَ لهم أنه يتعيّن عليهم هم أيضا أن يستعيدوا جَماجمَهم المفقودة. وكان كثيرٌ من النّاس قد لاحظوا الظّاهرة وباتوا يشُكّون في مشروعيّة مُمثّليهم المُجرّدين من جزء من الجسد مهمّ للغاية مثل الرأس.
اعترف أحدُ الزملاء بذلك الفراغ الذي يعانون منه جميعا، لكنّه اقترح أنّ الأمر يمكنُ أن يُصلح بواسطة رؤوس من الورق المُقوّى، لأنها أكثر خفّة.
ـ لا شيء من هذا ـ قال صاحبُ مبادرة إعادة الرؤوس إلى مكانها ـ يجبُ أن نسترجع رؤوسَنا الحقيقيّة.
خرجوا يبحثون عن تلك الرؤوس، ولم يجدْها كثيرٌ منهم. تحوّلت بعضُها بشكل عفوي إلى رؤوسِ دَبابيس، وظلّت الكثير منها سليمةً فجَرَت مُهرولة لتستقرّ فوق أعناق أصحابها.
لكنّ الحكومة، بعد علمها بتلك الحركة، حكّت رأسَها، تأمّلت وقرّرت:
ـ هذا غير ممكن. من أجل إعادة وضع الرأس في مكانه، لا بدّ من ترخيص تُسلّمه السّلطات العليا. وهذا الأمرُ لا أمنحُه سوى بطريقةٍ بطيئة وتدرجيّة. أولاً، يُعادُ وضعُ الذّقن، بعد ذلك، الفمُ. وبعدهُما، الأنفُ، والعينان، إلخ ... لكن تُوضع عينٌ واحدةٌ في كلّ مرّة. وأُذُنٌ واحدةٌ في كلّ مرّة أيضا. يوضعُ الدماغ في النّهاية. مع مرور الأيام سوف تحصُلون على رؤوس رائعة، بل وبأفكار خاصّة أيضا.