تحليل نصّ الثورة التكنولوجية الجديدة لـ محمد أبو زيد
ـ التكنولوجيا :
ارتبطت التكنولوجيا بالإنسان منذ وجوده باعتباره صانعا لأدوات استخدمها لصالحه انطلاقا من خبرات وتجارب. لكنها ارتبطت في المجتمع المعاصر بصنع آلات وأجهزة معقدة ومؤسسات مرتبطة بها استنادا إلى معطيات تقنية ومعارف ومهارات بالغة التعقيد والدقة.
- تعددت تعريفات التكنولوجيا، غير أنها كلها تصب في كونها تطبيقات عملية لمعارف وخبرات في تصنيع منتوج وإنشاء المشروع الملائم له.
- تتطور التكنولوجيا مع تطور العلم والمعرفة، وتعمل بدورها على تطوير المتغيرات الأخرى في كل مجالات الحياة.
1 ـ تأطير النص:
عنوانه: الثورة التكنولوجية الجديدة
نوعيته : مقالة علمية
صاحبه: محمد أبو زيد، ولد في مدينة الإسكندرية في أوائل العشرينيات من القرن الماضي، تلقى تعليمه بجامعتي الإسكندرية وأكسفورد، عمل أستاذا للأنتروبولوجيا، وخبيرا بمكتب العمل الدولي بجنيف. أثرى المكتبة العربية بعشرات المقالات الموزعة في الدوريات. من مؤلفاته كتاب "المفهومات" وكتاب "الأنساق" و"المعرفة وصناعة المستقبل".
2 ـ قراءة في العنوان:
الثورة تعني النهضة، وتوحي في عنوان النص إلى الوتيرة السريعة للتقدم التكنولوجي.
العلاقة التي يقيمها النص بين مفهوم المعرفة وصناعة المستقبل هي علاقة تكامل وتلازم، وذلك راجع إلى أن التكنولوجيا ما هي إلا تنظيم للمعارف والخبرات الإنسانية بهدف تحقيق التقدم والتطور العلميين.
3 ـ فرضية قراءة النص:
نفترض أن النص يتحدث عن الجهود المبذولة من لدن العلماء في تطوير التكنولوجيا.
المضامين الفكرية:
-1 الوحدة الأولى: ["لقد كانت للإنسان دائما" ← "الذي صنع تلك التقنيات"]: توظيف الإنسان قدرته على مر العصور في تطوير اختراعاته وتذليلها لمصلحته.
-2 الوحدة الثانية: ["وقد تحقق كل هذا التقدم التكنولوجي" ← "التحكم في تلك المجالات المختلفة"]: التقدم التكنولوجي الكمي والنوعي راجع إلى تطور الخبرة والمعرفة والعلم الإنساني.
-3 الوحدة الثالثة: ["ويحاول بعض المفكرين" ← "الأشياء الدقيقة والصغيرة للغاية"]: اختلاف منطق التفكير فيما تم صنعه في الماضي من أدوات تكنولوجية والتي اعتبرت مجرد امتداد خارجي معين للإنسان، في حين تعتبر هذه الأخيرة جزءا يتدخل في التكوين البشري.
-4 الوحدة الرابعة: ["فالنانو- وهي كلمة من أصل يوناني" ← "على أوسع نطاق"]: استحداث علم النانوتكنولوجي بهدف تحسين أوضاع المجتمع الإنساني.
الفكرة المحورية:
جهود العلماء المبذولة في تطوير التكنولوجيا.
1 ـ ينقسم النص إلى أربع وحدات دلالية:
أ ـ الوحدة الأولى من"لقد كانت..." إلى "...تلك التقنيات." : الإنسان والتكنولوجيا.
ب ـ الوحدة الثانية من "وقد تحقق..." إلى "...المجالات المختلفة." : الابتكار والتقدم التكنولوجي.
ج ـ الوحدة الثالثة من "ويحاول بعض المفكرين..." إلى "...والصغيرة للغاية." : قيمة الإنسان وعلاقتها بالتكنولوجيا.
د ـ الوحدة الرابعة من "فالنانو - وهي كلمة..." إلى "..على أوسع نطاق ممكن." : النانو تكنولوجي وأهدافها.
2 ـ التكنولوجيا ليست مجرد نتاج للمجتمع الصناعي الحديث، وإنما هي قديمة قدم الإنسان، إلا أنها شهدت في العصر الحالي نهضة علمية قوية نتيجة لمسلسل طويل من البحوث العلمية تكللت بتحقيق الرفاهية للمجتمع الإنساني.
3 ـ استدل الكاتب على الثورة التكنولوجية التي يعرفها العصر الحالي بحجج وبراهين من قبيل حجج عقلية منطقية: "وسوف يساعد على إحراز هذا التقدم، التطورات التي تتحقق الآن في مجال ما يعرف باسم النانوتكنولوجي" / "ويحاول بعض المفكرين تعريف الإنسان تعريفا جديدا في ضوء معطيات العصر" / "فإن بعض المنجزات التكنولوجية الحديثة والتي يتوقع الوصول إليها في المستقبل القريب سوف يمكن إدخالها في جسم الإنسان".
4 ـ تعتبر هذه الأدلة عقلية كونها لا تثبت إلا بالعقل، ولا يمكن اعتبارها نقلية لأنها لا ترجع إلى شخص ما غير الكاتب.
5 ـ من العبارات التي تدل على أن جل ملاحظات الكاتب مبنية على أبحاث بعض المفكرين ما يلي: "مما جعل بعض المفكرين يفسرون الاصطلاح المتداول في الدراسات الأنتروبولوجية 'الإنسان الصانع..." / "ويحاول بعض المفكرين تعريف الإنسان تعريفا جديدا في ضوء معطيات العصر".
6 ـ تسيطر على النص الجمل الخبرية لأن الكاتب استخدم لغة تقريرية مباشرة خالية من أي إيحاء أو تصوير بلاغي.
7 ـ المقارنة: وتتجلى في مقارنة الكاتب بين كل من النظرة السائدة في الماضي للأدوات التكنولوجية والتي كانت مجرد معين للإنسان، وبين النظرة الآنية التي اعتبرت هذه الأخيرة أنها جزء يتدخل في التكوين البشري. ← "فإذا كانت النظرة التي سادت في الماضي ترى الأدوات والآلات...بحيث تؤلف جزءا عضويا في تكوينه البشري".
- التعريف: ويتجلى في تعريف الكاتب بعلم النانوتكنولوجي. ← "فالنانو – وهي كلمة من أصل يوناني معناها القزم – تعني الآن في لغة...تختلف عن كل ما هو موجود ومألوف".
تركيب و تقويم:
نستنتج مما سبق تحليله أن الكاتب قد تطرّق في نصه إلى معالجة قضية الثورة التكنولوجية حيث قام بإبراز بعض مظاهرها وكذا انعكاساتها على الوسط الإنساني. وقد تميز نصه بطابع تفسيري حيث اعتمد على تقنيتي المقارنة والتعريف، معتمدا على براهين وحجج عقلية، وقد هيمن على النص الأسلوب الخبري وذلك تماشيا مع مقصدية الكاتب حيث استعمل لغة تقريرية خالية من أي إيحاء أو تصوير بلاغي.