تحضير نص من فن النخبة إلى فن الشارع


             من فن النخبة إلى فن الشارع      

تحضير نص من فن النخبة إلى فن الشارع


 المجزوءة الأولى:  أنواع الخطاب / الخطاب الإعلامي

تأطير النص                             

    الخطاب الإعلامي خطاب موجه إلى متلق متعدد المستويات، ومرتكز على مكونات اللغة والصورة والصوت وغيرها من فنون التعبير والتصوير والتشكيل وتقنياتها، وهادف إلى اقتحام قناعات الجمهور لتمرير رسائل معينة عبر قنوات مكتوبة أو مرئية أو مسموعة تتوسل بخطاب بسيط محايث لواقع المرسل إليه يدعي الموضوعية والحياد، ويسعى إلى تشكيل الرأي العام أو إعادة تشكيله وتوجيهه تبعا لمرجعيات المفردة الإعلامية وغاياتها.

    تعبر الصورة الموازية للنص عن عالم طفولي ساذج ومرح استخدمت فيه الألوان والأشكال استخداما متناسقا وتداخلت فيه مجموعة رؤوس بشرية بخطوط وألوان متقاطعة طولا وعرضا وتحديبا أفقيا ورأسيا بطريقة توحي بالاحتفالية والشغب الطفولي، وقد تحلق الأطفال حول اللوحة يبدون بها إعجابا واهتماما وكأنهم جزء منها. وهي موقعة باسم الشعيبية إحدى فنانات التشكيل الفطري الساذج. ويمكن اعتبار هذه الجدارية نوعا من خطاب إعلامي يبث رسالة فنية وبيئية واجتماعية رسالة تدعو إلى الاهتمام بأناقة الفضاء المحيط بالناس وجماليته، وتنمية الحس الفني لدى المقيمين فيه.

   يؤشر العنوان على تحول الفن التشكيلي من مستوى الإبداع والتلقي في إطار نخبوي ضيق إلى فضاءات أرحب يمثلها الشارع بما يختزنه من موارد بشرية وطبيعية عريضة. والنص مقال صحفي استطلاعي لمحمد قنديل منشور بمجلة العربي، عدد237، سنة 1978.

القراءة التوجيهية

-  ابتدأ النص بالتعريف بالحدث فعرض معطى إخباريا يتعلق بنشأة التجربة التشكيلية العفوية بأصيلة وفضاءاتها والأطراف المشاركة فيها.
-  بدأت فكرة الجداريات ببرنامج المجلس البلدي يستهدف تجميل المدينة، ثم طوره المثقفون والمبدعون إلى عمل خلاق شارك فيه الجمهور إلى جانب الفنانين.

-  قدم النص مادة إعلامية ركزت على: 
      * تقديم الظاهرة / الحدث: نشأة الجداريات بأصيلة.
      *عرض معطيات إعلامية استطلاعية همت الموقع الجغرافي والقيمة الثقافية والتاريخية للمدينة والطابع المعماري لها والميولات الفنية الفطرية لسكانها. 
      *رصد عناصر الظاهرة وأبعادها من خلال تسجيل نزول الفنانين إلى شوارع أصيلة لاستثمار المناخ الفني الملائم في جداريات رائعة.       
  *استنتاج تحقق رهان المدينة الجميلة، وتحول سكانها إلى حرس لهذا الجمال، عشاق له. 

-  ثمة نزوع فطري لدى سكان أصيلة نحو الفن التشكيلي، غذته عناصر البيئة ومقومات التراث وموقع المدينة، وطورته رغبة المجلس البلدي في ترسيم هذه الظاهرة.
- خاض الفنان التشكيلي تجربة جديدة لأول مرة، تمثلت في العمل وسط الأهالي وجها لوجه أمام الوجدان المعبر عنه بصدق، وبعيدا عن المرسم الصامت البارد غير الموحي. والنتيجة هي رؤية الفنان اكتمال مشاهد عمله في عيون مشاهديه.
-  ترتب عن هذه التجربة آثار إيجابية متمثلة في تزيين المدينة، وتوطيد العلاقة المباشرة بين الفنان والمتلقي والبيئة وتنمية الحس الجمالي لسكان جبلوا على حب التشكيل.

القراءة التحليلية

-  وظف المقال مصطلحات تمتح من معاجم متعددة، أبرزها معجم التشكيل وما يدل على فضائه وأدواته وعناصره وأدبياته. (فرشاة، لوحة، صباغة، مرسم، ورشة، فنان، تناسق، تجربة فنية، ذوق، صامت، بارد، موحي، زخرفة، ألوان، بقع تشكيلية حمراء صارخة، تكسير باللون الأصفر، جمال...). 

- النص مثال الخطاب الإعلامي يعكس الكثير من خصائصه مرسل من مستطلع يجسد كل منشغل بالفن التشكيلي الموظف في الفضاءات العامة، إلى متلق مفترض يشمل قاعدة عريضة من الجمهور، متذوقة لجماليات هذا الفن، ولديها الاستعداد الكامل لتنزيله في جداريات جميلة تزين واجهات الشوارع.

- الخطاب الإعلامي في النص خطاب إقناعي بشكل عام، غير أن بنيته الحجاجية بسيطة تستند إلى الوقائع المحسوسة والوثائق المادية الملموسة، والمنطق البسيط الذي يفهمه الناس بمختلف مستوياتهم الإدراكية، والمتكئ غالبا على مقدمات صحيحة ونتائج مستلزمة بداهة باستخدام أسلوبي الوصف والحكي كأداتين للإخبار والمعالجة مثل: وأصيلة دائما مغرمة بالفن، وذات صباح استيقظ الأهالي ليشاهدوا الفنان المغربي وهو يرسم في الطرقات.

- أسلوب النص وصفي تقريري تتخلله بعض الومضات التصويرية التي تبعث في ثناياه بعضا من الحيوية والإثارة كقوله: "بدت القلعة قمرا يناطح القمر"، "أنجبت أصيلة"، "أصيلة مغرمة"، "يزرع القيم الفنية".

القراءة التركيبية 

النص نموذج من المقال الصحفي الاستطلاعي موضوعه التعريف بالظاهرة التشكيلية الفريدة التي عرفتها أصيلة، لذلك يختزن كل مقومات الخطاب الإعلامي الأسلوبية والمنهجية. وهذا التحقيق الصحفي يولد لدى من لم يزر أصلية الرغبة في زيارتها للوقوف على هذه التجربة الفنية التي تميزها وتحقق لها الكثير من الجاذبية.

رسالة النص

يبث النص مجموعة من الرسائل من بينها: دور الفن التشكيلي الفعال في التعبئة الجمالية الموجهة نحو الإنسان في علاقته بالبيئة، إضافة إلى مد الجسور بين المبدع والمتلقي ليسهما جميعا في تشكيل إبداعي منفلت من قبضة الحدود الضيقة، ناهيك عن تلميع صورة أصيلة بما تمتلكه من إرث تاريخي ومؤهلات فنية، وتأشير على دور الخطاب الإعلامي في رصد الظواهر الفنية وإشهارها.



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-