ملخصات اللغة العربية : المنهج البنيوي

 ملخصات اللغة العربية : المنهج البنيوي 

ملخصات اللغة العربية : المنهج البنيوي


رصيد معرفي : المنهج البنيوي 

• التعريف 

البنيوية حركة فكرية تشمل حقولا معرفية متعددة، تمس الأنتروبولوجيا (ليفي شتراوس) والتحليل النفسي (جاك لاكان)، وحفريات المعرفة (ميشيل فوكو)، والنقد الأدبي (رولان بارت وتزيفتان تودوروف وجوليا كريستيفا... وغيرهم). والبنيوية الأدبية منهج تحليلي يقارب النص في ذاته، باعتباره نظاما له قواعده الخاصة به. والبنية تعني الكيفية التي تنظم بها عناصر مجموعة ما، وتتحدد قيمة العنصر بعلاقته بمجموع العناصر. البنية، إذن، تنظيم شكلي خفي، ووحدة دينامية لها معنى في ذاتها خارج كل عنصر إضافي. ولها ثلاثة شروط، هي :
١. الكلية : وتعني التكامل بين العناصر التي تبدو متغايرة، ومن ثم فالمنهج البنيوي يسعى إلى التركيب بين العناصر وفق طريقة تكشف عن تحديد القوانين العامة التي تنبع منها. ويتضح هذا الشرط في أكثر الأشكال الفنية تجريدا، مثل الموسيقى.
والنص الأدبي مجموع عناصره التعبيرية رغم تباينها تصوغ بنية كلية وعميقة للمعنى، لأن البنية لا محتوى لها خارجا عنها، وإنما هي المحتوى عندما ندركه داخل تنظيم منطقي، وما نكشفه هو شرط المعنى وبنيته لا دلالته الاجتماعية أو النفسية.
٢. التحول : رغم الطابع الثابت للبنية، فإن اغتناءها وضمان التوازن بين عناصرها، وتمثلها للمتغيرات كل ذلك يتم بإضافة عناصر جديدة، تكون ثانوية ومرتبطة بالقوانين الداخلية الأساسية، مما يطبع البنية بسمة المرونة والانفتاح المشروط والتنوع المقيد.
٣. التحكم الذاتي : تتصف البنية بالتحكم الذاتي في العناصر المضافة إليها، إذ يشترط فيها أن تنسجم هي والبناء الكلي وأن تنضبط لقوانينه العامة.

• التأريخ

بالرجوع إلى التاريخ القريب للمنهج البنيوي نقف عند منطلقات كثيرة تولد منها، وروافد أدبية وفكرية عديدة أسهمت في ظهوره ونموه وانتشاره، منها:
أ. الرافد اللساني : تكون المنهج البنيوي مع بداية القرن العشرين في أحضان اللسانيات، فقد ذهب معظم الباحثين إلى أن مجموعة من المبادئ اللغوية التي توصل إليها العالم السويسري فردناند دي سوسير، تمثل أسس المنهج بعد انتقالها من اللغة إلى الأدب. ومن ذلك مبدأ التمييز بين ثنائية (اللغة والكلام)، فاللغة نظام من الرموز يخص الجماعة ويمكن أفرادها من التواصل، بينما الكلام نشاط فردي متغير وطارئ، ينبع من مؤسسة اللغة.
أما المبدأ الثاني فهو (العلامة)، إذ الكلمة المقروءة أو المكتوية لا تشير إلى معطى مادي خارجي، وإنما تشير إلى الصورة الذهنية الموجودة في ذهن المتكلم، يترجمها إلى صورة صوتية يتلقاها السامع ويترجمها بدوره إلى صورة ذهنية.
ومن ثم فالعلامة ليست مسطحة وبسيطة، بل تتكون من مفهوم يسمى مدلولا، وصورة سمعية تسمى دالا. وعليه، فالعلامة علاقة بين الدال والمدلول. وتشكل (العلاقات اللغوية) المبدأ الثالث، إذ ما يمثل بناء اللغة يقوم على العلاقة بين الكلمات. ويبدأ على مستوى الربط بين الوحدات اللغوية المفردة أو مجموعة من الجمل تكون أنساقا صغرى ينتج عن اتحادها نسق أكبر هو النص. وهذا الاهتمام الكبير بالعلاقات يعد من بذور البنيوية. ويظهر ذلك في الاعتماد على الثنائيات الضدية، ومنها ثنائية الحضور والغياب التي يرتبط طرفها الأول بالعلاقات السياقية ويرتبط طرفها الثاني بالعلاقات الإيحائية. وقد تم استثمار هذه الثنائية في فهم النص، إذ تكون العلاقات الأولى علاقات تشكيل وبناء وتوال للعلامات، وتكون الثانية علاقات ترميز وإيحاء، والمبدأ الرابع، هو (النظام الوصفي) المركز على التحليل التزامني الذي ينظر إلى اللغة في ذاتها مع استبعاد تدخل العنصر الزمني. وقد انعكس هذا المبدأ في المجال البنيوي من خلال الدعوة إلى عزل النص وتحليله بعيدا عن شروطه التاريخية وفي منأى عن الظروف المحيطة به.
ب. الرافد الشكلاني : يتجلى في الأثر القوي للشكلانية الأدبية الروسية على البنيوية. فقد سعى الشكلانيون إلى تحرير الفن من إرغامات الواقع الخارجي بإعادة الاعتبار للشكل الأدبي والتجربة الفنية في حد ذاتها، والتركيز على الخصوصية الفنية التي تميز الخطاب الأدبي عن باقي الخطابات.

• الخصائص 

يقوم المنهج البنيوي على جملة من الخطوات تعتمد في تحليل النص الأدبي، وهي :
- تحديد البنية : أي النظر إلى النص بوصفه موضوعا مستقلا يمتلك قيمة في ذاته. ومن ثم فالبنية قد تكون قصيدة أو رواية أو أسطورة أو مجموعة من النصوص الشعرية أو السردية.
- عزل البنية : أي تحليل النص من الداخل دون الاستعانة بمرجعيته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.
- تحليل البنية : أي استخلاص البنيات الدلالية الكبرى والصغرى وتتبعها وصفيا، والكشف عن العلاقات بين الأنساق الصغرى، والبحث في الفروق والتقابلات، مع عزل الثوابت وراء المتغيرات، والبحث عن التشابه وراء الاختلاف. وفضلا عن ذلك يهتم التحليل البنيوي بالكشف عن عناصر البنية ومستوياتها المختلفة التي تشمل الصوت، والمعجم، والنحو، والبلاغة، والرمز.
- التركيب : أي تجميع عناصر التحليل، وإعادة ترتيب الأجزاء والنتائج الصغرى بطريقة تكشف عن بنية كلية جديدة تتسم بالخفاء، وتفسر بعمق طرائق اشتغال البنيات السطحية للنص. وقد تبنى كثير من النقاد العرب آليات المنهج البنيوي وخطواته، مثل كمال أبو ديب ويمنى العيد وسيزا قاسم وعبد المالك مرتاض وسعيد يقطين وإبراهيم الخطيب وعبد السلام المسدي وفريال جبوري غزول.



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-