ملخّصات اللغة العربية : إحياء النموذج
السنة الثانية من سلك البكالوريا
شعبة الآداب والعلوم الإنسانية
تحولات الشعر العربي الحديث
المجزوءة الأولى : من إحياء النموذج إلى سؤال الذات
رصيد معرفي : إحياء النموذج
• التعريف
النموذج هو المثال الذي يحتذى وتصنع الأشياء على نمطه وصورته. والنموذج الإحيائي من هذا القبيل، فهو مثال تتكون عناصره من خير ما يتميز به الشعر العربي من خصائص. وقد اتخذه شعراء عصر الإحياء مثلا أعلى ينسجون على منواله، ويصبون أفكارهم وعواطفهم وأخيلتهم في قوالبه.
ومفهوم "إحياء النموذج" في الشعر العربي يرتكز على أمرين :
- الأول زمني : يقوم على العودة إلى نموذج شعري يحظى بالاحترام والتقدير لأنه "كامل"، وهذا النموذج هو الشعر القديم كما يمثله شعراء العصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام، وشعراء العصر العباسي ولاسيّما المتنبي والبحتري وأبو تمام وأبو العلاء المعري، والشريف الرضي.
- الثاني فني : ويقوم على وجود قيم فنية مشتركة في الثقافة العربية تلزم المبدع العربي بالخضوع لها وتحكم هذه القيم الفنية قواعد تتصل ببناء القصيدة (كالابتداء بوصف الأطلال والغزل، ثم ذكر الغرض الأساسي) وبالنظم (وأبرزها التزام قافية واحدة في جميع أبيات القصيدة) وبعمود الشعر العربي ومن مقوماته (شرف المعنى وصحته، وجزالة اللفظ واستقامته، والإصابة في الوصف، والمقاربة في التشبيه، والتحام أجزاء النظم والتئامها، ومناسبة المستعار منه للمستعار له، ومشاكلة اللفظ للمعنى...).
• التأريخ
لا نعرف حقيقة جهود حركة إحياء النموذج في بعث الشعر العربي القديم ما لم تتضح أمامنا الملامح العامة للشعر في العصر الذي سبق هذه الحركة. وأهم ما ميز هذا العصر هو انحدار الشعر العربي انحدارا شديدا أبرز مظاهره :
- تفاهة الأغراض والمعاني.
- ابتذال الأساليب وتكلفها والإسراف في استعمال المحسنات البديعية في كلام مفكك. مع تجديد الحياة الثقافية في البلاد العربية في القرن 19م، لجأ المبدعون إلى إحياء الشعر العربي القديم في معانيه وألفاظه وصوره وموسيقاه، ولم يلتزموا تقليد شاعر دون آخر، بل اتجهوا إلى تقليدهم جميعا، وكان هدفهم إنتاج شعر يذكر في فحولته وأسلوبه بالمتنبي وأقرانه.
وقد مرّ "إحياء النموذج" من ثلاث مراحل يمكن تلخيصها فيما يأتي :
- مرحلة النموذج الإحيائي المبكر : وتبدأ في منتصف القرن 19م وتنتهي في نهايته. ويمثلها ناصيف اليازجي في لبنان ومحمود سامي البارودي في مصر. وكان هدفها إحياء القصيدة القديمة دون السعي إلى تطويرها.
- مرحلة النموذج الإحيائي الراقي : وتستغرق العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين وقد تزعمها كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم ومحمد عبد المطلب في مصر، ومحمد مهدي الجواهري ومعروف الرصافي وجميل صدقي الزهاوي في العراق... ولقد حاول هؤلاء الشعراء التعرض لموضوعات جديدة (مثل الموضوعات السياسية والاجتماعية) وكما عمدوا إلى تجريب أنواع شعرية جديدة (مثل المسرحية الشعرية).
- مرحلة النموذج الإحيائي المتأخر : وظهرت في أعقاب الاحتلال الأجنبي للبلاد العربية وخاصة في المغرب العربي. ومن أشهر شعراء هذه المرحلة محمد بن إبراهيم وعلال الفاسي ومحمد الحلوي في المغرب ومحمد الخليفة العيد في الجزائر وأحمد خير الدين في تونس.
• الخصائص
نظرا لارتباط النموذج الشعري الإحيائي في كثير من الأذهان بطريقة خاصة في النظم، وهي طريقة القصيدة العمودية القديمة، فإن أهم الخصائص المميزة لهذا النموذج هي :
- النظم وفق البحور الشعرية التقليدية للشعر العربي القديم.
- استخدام الأغراض الشعرية القديمة مثل : المدح والفخر والرثاء والهجاء... فضلا عن موضوعات جديدة متعلقة بالحياة المعاصرة كالموضوعات الاجتماعية عند معروف الرصافي، والموضوعات السياسية في شعر محمد مهدي الجواهري، والقصصية والتاريخية عند أحمد شوقي.
- معارضة الشعراء القدامى. ولم تكن هذه المعارضة محصورة في البحر والروي والقافية والموضوع، ولكنها أيضا كانت معارضة في اللغة والأسلوب، كما في معارضة محمود سامي البارودي لشعراء عباسيين كبار كالشريف الرضي وأبو نواس وأبي فراس الحمداني...
- استعمال لغة رصينة فائقة البراعة، تتطلب من القارئ أن يكون على اطلاع واسع على لغة الشعر العربي القديم وقواعده.
- المزاوجة بين الحقيقة والخيال. فنموذج الإحياء يفهم الصياغة الخيالية باعتبارها إضافة لا تغير الحقيقة أو تعارضها بل تجاورها في قران شعوري.
والخلاصة أن إحياء النموذج ملأ الفراغ الأدبي الذي أحدثته قرون طويلة من الانحطاط والجمود.
🎙 موضوع مهم للغاية : هل ترغب في تعلم اللغات مجّاناً؟ حمل أفضل تطبيقات تعلم اللغات 👇