ملخصات دروس الفلسفة / السياسة : مفهوم العنف


ملخصات دروس الفلسفة / السياسة : مفهوم العنف

السنة الثانية من سلك الباكالوريا
جميع الشعب والمسالك

ملخصات دروس الفلسفة / السياسة : مفهوم العنف


المجزوءة الثالثة : السياسة

المفهوم : العنف


يقصد بالعنف الشدة والقسوة واستخدام القوة استخداما غير مشروع ومخالف للقانون. إنه إلحاق الضرر بالذات أو بشخص آخر كيفما كان نوع هذا الضرر جسديا أو نفسيا، ماديا أو رمزيا. والعنف من حيث هو فعل مدمر يتم توجيهه ضد الآخر لإخضاعه، ويتخذ شكلا عدوانيا، وهي عدوانية مشتركة بين الإنسان والحيوان بحكم القرابة الموجودة بينهما.

المحور الأول: أشكال العنف.

الإشكال : ما هي أشكال العنف؟ هل يمكن حصره فيما هو مادي فيزيائي؟ أم أنه يشمل الرمزي والمعنوي أيضا؟

ميشو : العنف التكنولوجي والإعلامي.

يرى إيف ميشو أن العنف في المجتمعات المعاصرة يتخذ أشكالا متعددة تتوزع بين الحروب الطاحنة والإبادات الجماعية والإجرام المنظم...، وتلعب الوسائل التكنولوجية الحديثة دورا كبيرا في توفير وسائل متطورة تجعل العنف في متناول الجميع وأكثر فتكا بالبشرية. فلوسائل الإعلام، حسب ميشو، دورا سلبيا يتمثل في نشر ثقافة العنف وتكريسه، بتوظيفها السيء والإيديولوجي لمشاهد الحرب والإرهاب والخطابات الديبلوماسية والمناورات العسكرية.

بورديو : العنف الرمزي المعنوي.

يتحدث بورديو عن العنف الرمزي المعنوي كشكل آخر من أشكال العنف، فالدولة الحديثة تعتمد على العنف الرمزي أكثر من اعتمادها على العنف المادي نظرا لفعاليته وطريقة ممارسته غير المباشرة. فالعنف الرمزي الذي تمارسه الدولة عن طريق أجهزتها الأيديولوجية مثل : المدرسة والإعلام والدين والأسرة... يحقق نتائج أحسن بالمقارنة مع ما يحققه العنف المادي الفيزيائي، الذي غالبا ما يقابل بالرفض والتنديد، في مقابل العنف الرمزي الذي يمارس على الفاعل الاجتماعي بموافقته وتواطئه.

بودريار : العنف شكلان هما الحرب والإرهاب.

يعتبر جون بودريار أن العنف يتخذ شكلين مختلفين هما الحرب : الحربين العالميتين الأولى والثانية، والإرهاب : أحداث الحادي عشر من شتنبر، فالنظام العالمي الجديد اعتقد أنه قضى على الشر بواسطة الحرب لكن هذا الأخير اتخذ شكل مقاومة جديدة هي الإرهاب؛ فالعلاقة بين الخير والشر هي علاقة تلازم وترابط، فهما ينموان بتوازن وفق حركة واحدة، وصعود أحدهما لا يفضي بالضرورة إلى اختفاء الآخر، فما أن عم الخير جميع المجالات: العلوم، التقنية، الديمقراطية وحقوق الإنسان... حتى انهار التوازن، وأصبح الشر قابعا في كل مكان حتى بداخل كل واحد منا.

المحور الثاني : العنف في التاريخ.

الإشكال : كيف يحضر العنف في التاريخ؟ هل هو حضور مؤقت ونسبي؟ أم أنه حضور دائم ومستمر؟

هوبز : العنف حدث مؤسس ومدشن للتاريخ.

يرى توماس هوبز أن حالة الطبيعة هي حالة صراع وحرب الكل ضد الكل، بسبب طبيعة الإنسان العدوانية والشريرة، حيث يسعى كل الأفراد للحفاظ على حياتهم وقتل الآخرين، لكنهم في الآن ذاته، يخافون على أنفسهم من الموت، مما يضطرهم للانتقال إلى حالة المجتمع المدني، حيث يخضع الجميع لقانون وضعي يقنن شدة ذلك الصراع وتلك الحروب الطاحنة، فيتخذ الصراع شكل تنافس خفي لفرض السيادة على الآخرين، والدفاع عن الممتلكات، مما يجعل من العنف حدثا مؤسسا ومدشنا للتاريخ.

ماركس : العنف ظاهرة عابرة في التاريخ.

يرى كارل ماركس أن الصراع بين الطبقات هو محرك التاريخ، وعندما سينتهي الصراع سينتهي التاريخ، فالحدث الأساس الذي يطبع التاريخ البشري هو الصراع بين من يملكون وسائل الإنتاج والخيرات ومن لا يملكونها، وهذا الصراع يخترق تاريخ المجتمع البشري منذ المجتمع البدائي إلى المجتمع الرأسمالي، وهو بذلك يعتبر العنف الثوري ظاهرة عابرة في التاريخ، تحضر كلما دعت الحاجة إلى الانتقال من نمط اقتصادي معين إلى آخر، ويتخذ طابعا فرديا لا يعيه الفرد ذاته، كما قد يتخذ طابع صراع نقابي أو سياسي أو أيديولوجي.

أركون : العنف مرتبط بتاريخ المقدس.

يرى محمد أركون أن سلطة المقدس، وضعية كانت (المرأة مثلا) أم دينية (العقيدة مثلا)، هي التي تكرس ثقافة العنف وتضفي عليه الشرعية، وتجعل الأفراد على استعداد دائم للصراع واستخدام كل أشكال العنف لحماية مقدسهم، الذي يمنح معنى لحياتهم، ضد كل من يهدده، وما دام أن حماية المقدس هو فعل دائم وأزلي، فإن العنف، مرتبط وسيبقى مرتبطا بالتاريخ، وبالأخص تاريخ المقدس ومسيرة الإنسان نحو البحث عن هذا المقدس وامتلاك الحقيقة.

المحور الثالث : العنف والمشروعية.

الإشكال : هل هناك عنف مشروع وآخر غير مشروع؟ ما الذي يجعل عنفا ما مشروعا؟

كانط : الدولة وحدها من يملك الحق في العنف.

يرى إيمانويل كانط أنه لا يسمح مطلقا للمواطنين بأن يقاوموا العنف الذي تمارسه الدولة بعنف مماثل، فالدولة هي وحدها من يملك حق ممارسة العنف، وكل معارضة لتشريعات الدولة يعرض الرعية للعقاب والزجر، فخرق الحاكم لمقتضيات الدستور لا يخول للأفراد الحق في التمرد عليه في ظل غياب سلطة بديلة. يقول كانط : "إن من يحسم هو من يملك الإرادة العليا للعدالة وهو بالضبط رئيس الدولة ولا أحد يملك حق الاعتراض على هذه الملكية".

فيبر : علاقة العنف بالدولة علاقة حميمية.

يعتبر ماكس فيبر أن الدولة الحديثة هي وحدها من يملك الحق والمشروعية في ممارسة العنف الفيزيائي على كل من يخرجون عن طاعتها ويتمردون على سلطتها، وهو عنف مشروع تمارسه الدولة للحفاظ على أمنها واستقرارها، ولا يحق لفرد أو جماعة ما ممارسته إلا بإذنها، فهي المصدر الوحيد للحق في العنف، وعلاقة العنف بالدولة علاقة حميمية، فقد كان العنف الجسدي ومازال الآلية التي توظفها الدولة لضمان استمرارها وبقائها.

غاندي : العنف ليس مشروعا مهما كانت الأسباب.

يعتبر غاندي أن العنف شيء سلبي وهدام لا يصلح لبناء أي شيء، وهو رذيلة تعبر عن إرادة سيئة ونية مبيتة لإلحاق الأذى والألم بالآخرين. أما اللاعنف، الذي يشمل الروح لا الجسم فقط، هو إرادة طيبة وحب كامل يهدف إلى تعميم الصداقة والمحبة لتشمل العالم كله، لذلك فالعنف الممارس من طرف الدولة، لا يمكن أن يكون مشروعا، فالعنف دائما يبقى عنفا مهما كانت الدوافع والأسباب. يقول غاندي : "إن العنف هو دوما عنف، والعنف رذيلة، إن اللاعنف هو القانون الذي يحكم النوع الإنساني".



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-