ملخصات دروس الفلسفة / الأخلاق : مفهوم الحرية

 

ملخصات دروس الفلسفة / الأخلاق : مفهوم الحرية

السنة الثانية من سلك الباكالوريا
جميع الشعب والمسالك

ملخصات دروس الفلسفة / الأخلاق : مفهوم الحرية


المجزوءة الرابعة : الأخلاق

المفهوم : الحرية


يقصد بالحرية القدرة على الفعل أو الامتناع عن الفعل بعيداً عن كل إكراه كيفما كان اجتماعيا نفسيا سياسيا وميتافيزيقيا...، فالفرد يكون حرا إذا كان فعله نابعا من إرادته الخاصة ويكون خاضعا لمبدأ الضرورة أو الحتمية إذا ما ارتبط فعله بعلة أخرى. ونميز بين الحرية الطبيعية بما هي حرية مطلقة والحرية المدنية بما هي حرية نسبية ترتبط بطاعة القانون.

المحور الأول: الحرية والحتمية.

الإشكال : ما علاقة الحرية بالحتمية؟ هل الحرية تتعارض مع الحتمية؟ أم أن الوعي بالحتمية هو ما يمثل أساس الحرية؟

سبينوزا: الضرورة والحتمية.

يرى سبينوزا أنه لا وجود لحرية إنسانية بعيداً عن الضرورة والحتمية، فالحتمية هي خاصية كونية مميزة للوجود الإنساني فعلاً وسلوكاً، وما اعتقاد الشخص أنه حر في أفعاله واختياراته إلا وهم ناشئ عن جهل، هذا الأخير، بالأسباب والعوامل الخارجية التي تسيره: البيولوجية منها، والاجتماعية، والثقافية...، فالشخص ليس ذاتا حرة، بل هو نتاج ضرورات وحتميات طبيعية وموضوعية تقيده وتحد من حريته، مثله مثل باقي مكونات الوجود الطبيعية.

سارتر: الإنسان محكوم بالحرية لا بالحتمية.

يدافع سارتر على الحرية الإنسانية، ويرى أن وجود الإنسان هو وجود لذاته لأن وجوده يسبق ماهيته، فالإنسان مشروع يوجد أولا ثم يصنع كينونته وماهيته بكل حرية، فكل فرد يتمتع بحرية مطلقة ويتحمل مسؤولية اختياراته، وحريته هاته، لا تتحقق إلا بالانفتاح على الآخرين، يقول سارتر "إننا مقضي علينا بأن نكون أحراراً"، فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يستطيع أن يقاوم الجبر ويتحرر من أسر الطبيعة وقوانينها.

ابن رشد: حرية الإنسان مشروطة بأسباب خارجية.

يرى ابن رشد أن أفعال الإنسان تتأرجح بين الجبر والاختيار، حيث ميز بين عالمين، عالم الإرادة الداخلية للإنسان وعالم الظواهر والأسباب الخارجية في الطبيعة، فالإنسان يتمتع بالحرية والقدرة والإرادة، من حيث هو ذات عاقلة مكلفة، إلا أنه في الآن ذاته، محكوم بقوانين الطبيعة ومحدود بقدرات البدن. يقول ابن رشد: "قد أعزم على السفر في يوم معين ولكن قد تطرأ ظروف خارجية بدنية تعطل سفري مثل المرض، أو طبيعية مثل المطر".


المحور الثاني: الحرية والإرادة.

الإشكال : هل الفعل الإنساني فعل إرادي؟ أم أنه مُلزم لصاحبه؟

كانط: الإرادة تقترن بالحرية.

يرى كانط أن الإرادة تقترن بالحرية وهي أساس كل فعل أخلاقي، فالإنسان باعتباره كائنا عاقلا حرا يملك إرادة تخول له القيام بالواجب الأخلاقي تجاه ذاته والآخرين، فرغم أن الخضوع للقانون والالتزام بالواجب قد يظهر في البداية، كنوع من الإكراه والإلزام يخضع له الإنسان، إلا أن الإنسان في حقيقة الأمر، لا يخضع إلا لتشريعه الخاص الذي يصوغه في شكل قوانين وضعية تقنن الحريات وتحميها، فالإنسان يتمتع بالحرية والإرادة، ولا وجود لواجب أخلاقي خارجهما.

ديكارت: الإرادة هي أساس الحرية.

يعتبر ديكارت أن الإرادة هي حرية الاختيار في الإقدام على الفعل أو الامتناع عنه دون الخضوع لأي إكراه خارجي. والإرادة، حسب ديكارت، هي أساس الفعل الإنساني ومنبعه، فالإنسان حر حرية مطلقة في اختياراته وتصرفاته لا يتأثر بأي عوامل خارجية، كما أن حرية الإنسان لا تتحقق إلا بإرادة سابقة عليها. وعلى الرغم من أن إرادة الإنسان ليست مطلقة كما هو حال إرادة الخالق، إلا أنها تتمتع بقوة تجعلها محددة لحرية الإنسان تحديدا مطلقا.

سارتر: الإرادة شرط الحرية.

يرى سارتر أن وجود الإنسان سابق عن ماهيته بمعنى أن الإنسان يوجد أولا ثم يشرع في بناء وجوده وتشكيل ماهيته بإرادته واختياره، فالإنسان يوجد أولا كلاشيء غير قابل للتعريف لكن هذا اللاشيء يتحول بفعل الإرادة إلى شخص منفتح أو بالأحرى مشروع منفتح يشكل ذاته ويبنيها على ضوء ما يختاره لنفسه بكل حرية وبالتالي تكون الحرية في نظر سارتر لصيقة بإرادة الفرد من حيث هي إرادة مسؤولة عن تشكيل وبناء ماهيته.

المحور الثالث: الحرية والقانون.

الإشكال: ما علاقة الحرية بالقانون؟ هل الالتزام بالقانون والخضوع له ينفي الحرية أم أنه يحميها ويقننها؟

هوبس: القانون هو الضامن الوحيد للحرية.

يميز هوبس بين الحرية المطلقة التي يتمتع بها الإنسان خارج المجتمع المدني حيث يغيب القانون وتسود الفوضى واللصوصية والاعتداء على حياة الناس وممتلكاتهم، والحرية المنظمة بتشريعات المجتمع المدني التي تضمن لكل فرد الحق في حياة هادئة وكريمة؛ فالحرية الحقيقية، لا تتعارض مع القانون الذي يحميها ويجعل منها حقا عاما يتمتع به كل الأفراد، وليست الحرية المطلقة سوى مظهر من مظاهر الفوضى واللانظام.

روسو: لا وجود قطعاً لحرية دون قوانين.

يذهب جون جاك روسو للإقرار أن لا وجود قطعا لحرية دون قوانين ضامنة لها، فالقوانين المدنية المتعاقد عليها هي التي تضمن حق الحرية وتحميه لسائر أفراد الشعب، وبالتالي يكون الفرد حرا إذا كان خاضعاً وملتزماً بالقانون لا غير، أما في حالة عدم خضوعه للقانون فإنه يصير تابعاً لفرد آخر أقوى منه يسلب منه حريته بفعل أفضليته وقوته. فالخضوع للقانون يضمن الحرية أما الخضوع لغيره فيهددها وينفيها ويهدمها.

حنا أرندت: الحرية فعل وممارسة واقعية.

ترى حنا أرندت أن الحرية ليست قضية ميتافيزيقية باطنية، بل هي فعل وممارسة واقعية ترتبط بالعمل السياسي، فالمجال الحقيقي لممارسة الحرية هو مجال السياسة والحياة العامة، كما أنه ليس بالإمكان الخوض في قضية سياسية ما، دون أن نجد لها علاقة بالحرية الإنسانية، فالوعي بالحرية لا يتحقق إلا بالدخول في علاقة مع مكونات المحيط الخارجي، حيث يجد الفرد نفسه في حاجة إلى الحرية لممارسة الشعائر الدينية وللتنقل وللتعبير عن الرأي.



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-