ملخصات دروس الفلسفة / السياسة : مفهوم الحق والعدالة

 

ملخصات دروس الفلسفة / السياسة : مفهوم الحق والعدالة

السنة الثانية من سلك الباكالوريا
جميع الشعب والمسالك

ملخصات دروس الفلسفة / السياسة : مفهوم الحق والعدالة


المجزوءة الثالثة : السياسة

المفهوم : الحق والعدالة


يقصد بالحق ما يجب أن يكون إما لصدقه أو لاستقامته، إنه القيام بفعل أو الاستمتاع بشيء أو إلزام الغير به تبعا لمعيار أو قاعدة قانونية أخلاقية، تأطر علاقات الأفراد فيما بينهم داخل مجتمع سياسي منظم. أما العدالة فتشير إلى مجموع القواعد القانونية والمعايير الأخلاقية التي يعتمدها مجتمع ما في تنظيم العلاقات بين أفراده، سواء في مظهرها الخارجي الموضوعي المتمثل في المؤسسات التشريعية والقانونية، أو في مظهرها المعياري الأخلاقي الذي يتطلع الجميع لاستلهامه.

المحور الأول : الحق بين الطبيعي والوضعي.

الإشكال : على ماذا يتأسس الحق؟ هل على ما هو طبيعي أم على ما هو وضعي تعاقدي؟

هوبز : أساس الحق طبيعي.

يرى توماس هوبز أن حالة الطبيعة هي حالة حرب الكل ضد الكل، بسبب طبيعة الإنسان العدوانية والشريرة، حيث يسعى كل الأفراد للحفاظ على حياتهم وقتل الآخرين، لكنهم في الآن ذاته، يخافون على أنفسهم من الموت، مما يضطرهم للدخول في عقد اجتماعي يتنازلون بموجبه عن كل ما يملكون من قوة وحقوق طبيعية لحاكم قوي مستبد يضمن لهم السلم والأمان مقابل طاعته والخضوع المطلق لإرادته. فأصل الحق، حسب هوبز، طبيعي يستمد أساسه من القوة.

سبينوزا : أساس الحق طبيعي.

يرى سبينوزا أن الإنسان في حالة الطبيعة يعيش تحت وطأة الصراع من أجل البقاء، حيث ينعدم الأمن والسلم فكل فرد يتمتع بحرية مطلقة تخول له استعمال كل قوته البيولوجية لحفظ بقائه وإشباع رغباته وشهواته، ولو كان ذلك على حساب الآخر الذي لا يقوى على المواجهة والدفاع عن نفسه، وفي ظل هذا الوضع غير الآمن كان لزاما على الأفراد أن يؤسسوا لمجتمع سياسي يسهر على حفظ بقائهم وحماية مصالحهم بناء على تعاقد عقلي وإرادي. فأساس الحق طبيعي يستمد أساسه من القوة.

جون جاك روسو : أساس الحق عقلي وضعي.

يرى روسو أن الحق الطبيعي لا يقوم على القوة، لأن القوة طاقة جسدية لا يمكنها مطلقا أن تؤسس للحق، فأساس الحق هو النظام التعاقدي، الذي ينتقل بموجبه الإنسان من حالة الطبيعة، التي يتمتع فيها بالحرية المطلقة والحق غير المحدود، إلى حالة التمدن، التي تُصيّر الحق واجبا والحرية أخلاقية لا أنانية شهوانية، فالخضوع للشهوة عبودية، والانصياع للقانون الذي ألزمنا أنفسنا به حرية. وبالتالي فأساس الحق، حسب روسو، وضعي تعاقدي، يهدف إلى التوحيد بين الحقوق والواجبات وإقرار العدالة.

المحور الثاني : العدالة باعتبارها أساساً للحق.

الإشكال : ما علاقة العدالة بالحق وأيهما أساس للآخر؟

شيشرون : أساس الحق هو الطبيعة الخيرة.

يرى شيشرون أن الحق لا يتأسس على القوانين المكتوبة التي تشرعها المؤسسات، والتي قد تكون قوانين ظالمة تخدم مصالح واضعيها فقط، بل الحق الوحيد فعلا هو ذلك الذي يتأسس على ما يمليه العقل وتقتضيه الطبيعة الخيرة للإنسان سواء كان مكتوبا أم لا، فكل الفضائل كالكرم وحب الوطن والرغبة في خدمة الغير وليدة ميلنا لحب الناس، الذي هو أساس الحق. فالحق المؤسس على العقل والطبيعة الخيرة وحده من يحقق العدالة الاجتماعية.

باروخ سبينوزا : العدالة هي أساس الحق.

يرى سبينوزا أن العدالة تتجسد في إعطاء كل ذي حق حقه، فهي وحدها الضامنة لحق الناس في الحفاظ على حياتهم وحماية مصالحهم والتمتع بحرياتهم طبقا للقوانين المتعاقد عليها، فلا وجود لحق خارج عدالة قوانين الدولة وتشريعاتها. والأفراد ملزمون بقوة القانون على عدم إلحاق الضرر ببعضهم البعض، ومن واجب القضاة الضرب على يد كل من ينتهك القانون ويرفض أوامر الحاكم مع الحرص على الحكم بالعدل بين الأفراد دون اعتبار وضعهم الاجتماعي.

فون هايك : العدالة هي أساس الحق.

يرى فون هايك أن العدالة تضمن الحق لكل المواطنين في إطار مجتمع تسوده الحرية وتنظمه قوانين تشريعية وضعية، فالعدالة لا تكتسب دلالتها إلا في ظل نظام شرعي، وهذا لا يعني أن قواعد السلوك العادل المرعية في مجتمع من المجتمعات هي صادرة عن القانون، كما لا يعني أن القانون يستند دائما على قواعد السلوك العادل، ورغم ذلك يبقى القانون الذي يرتكز على قواعد العدالة له مقام استثنائي، لأن هذا القسم من الحقوق هو وحده الكفيل بأن يكون ملزما للمواطنين ومفروضا على الجميع.

المحور الثالث : العدالة بين المساواة والإنصاف.

الإشكال : ما غاية العدالة؟ هل تحقيق الإنصاف أم تحقيق المساواة أم هما معا؟

ألان : العدالة تسعى لتحقيق المساواة.

يرى ألان (إميل شارتيي) أن غاية العدالة تحقيق المساواة، فالقوانين العادلة هي التي يكون الناس سواسية أمامها بغض النظر عن التفاوتات القائمة بينهم من حيث جنسهم وسنهم ولغتهم وقوة أبدانهم ومرتبتهم الاجتماعية... يقول ألان : "إن القوانين العادلة هي تلك التي يكون الجميع أمامها سواسية، سواء كانوا رجالا أو نساء أو أطفالا، أو مرضى أو جهالا، أما أولئك الذين يقولون إن اللامساواة هي من طبيعة الأشياء، فهم يقولون قولا بئيسا".

ماكس شيلر : العدالة تسعى لتحقيق الإنصاف.

ينتقد ماكس شيلر فكرة المساواة المطلقة ويعتبرها مساواة جائرة لأنها لا تراعي اختلاف الناس وتمايز قدراتهم ومؤهلاتهم، إن المساواة المطلقة عبارة عن ظلم، بل أكثر من ذلك إنها تعبير عن حقد دفين وكراهية يكنها الأشخاص الذين هم في أسفل درجات السلم الاجتماعي لأولئك المتفوقين عليهم اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، فالذي يخشى على نفسه الخسارة هو وحده من ينشد المساواة لأنه عاجز عن تحقيق ما يصبو إليه، ولكن وراء هذه الدعوة للمساواة يتستر الحقد على المبادئ السامية.

جون راولز : العدالة مساواة منصفة.

يؤكد جون راولز على فكرة العدالة كإنصاف، حيث يتمتع أفراد المجتمع بالمساواة في الحقوق والواجبات الأساسية واللامساواة الاجتماعية والاقتصادية مثل اللامساواة في الثروة والسلطة، فمن يملكون مؤهلات وقدرات تؤهلهم لبلوغ مراتب عليا لا يمكن أن يتم مساواتهم بأولئك الذين هم أقل مرتبة منهم، إلا أن راولز يرى ضرورة توزيع الامتيازات واقتسامها بنوع من التعاون الإرادي بين كل أفراد المجتمع، بمن فيهم أولئك الذين هم أقل مرتبة، فبدون هذا التعاون لن يستفيد أحد من الرخاء.



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-