منهجيات اللغة العربية : القراءة المنهجية لنص نظري

 

منهجيات اللغة العربية : القراءة المنهجية لنص نظري   

منهجيات اللغة العربية : القراءة المنهجية لنص نظري


القراءة المنهجية لنص نظري   


         يقتضي التعامل مع النص النظري تطويع مقتضيات القراءة المنهجية لتتلاءم مع خصوصيات هذا النص، حيث يتم التركيز على (المنهجية) الخطوات الإجرائية التالية :

المقدمة :

1 ـ عناصر الإشكالية :
 لتحرير الإشكالية نستعين بالمهارات والتقنيات التالية : 
> الانتقال من العام إلى الخاص في ترتيب الأفكار :
- توظيف مهارة التلخيص لاختيار المعلومات الضرورية التي تخدم الإشكالية.
تحديد إشكالية نص نقدي (سواء أكان قولة أو قضية)، و يتم بجرد المعطيات المرتبطة بـ : 
ـ التعريف بالمنهج النقدي/ أو بفن المقالة، وخصائصه / القضية المطروحة في النص النظري (سواء أكانت مفهوما نقديا أو منهجا .. والنص النقدي قد يطرح منهجا نقديا أو يوظفه، وذلك بجرد خصائصه (المنهج) والإشارة إلى مرجعيته النظرية، ثم شروط إنتاجه، وسياقه التاريخي والنقدي .. الذي ظهرت فيه في العالم العربي، وموقفه من النص،  
ـ إذا كان النص نظريا فإننا نقوم بتحديد سياقه التاريخي : موضعة النص النظري ضمن إحدى مراحل الكتابة التنظيرية للخطابات الشعرية، أو الأشكال النثرية الحديثة، أو المناهج النقدية الحديثة (مرحلة التأسيس، أو التأصيل، أو التبلور...) .
ـ الإشارة إلى الكتاب البارزين في هذا الفن/المنهج، الذين مثلوه أو عالجوه أو وظفوه ..، 
ـ التعريف بصاحب النص.
ـ طرح سؤال أو سؤالين تُرجأُ الإجابة عنهما إلى العرض.

2 ـ الملاحظة وصوغ الفرضية:

- ولتحرير الفرضية نتدرَّج من الملاحظة إلى الافتراض وليس العكس، مركزين على أقل المشيرات الدالة على قضية النص ونوعه، ثم نكثف الإيحاءات والمعاني المتوقعة، متجنبين الوقوع في التوقعات الخاطئة والمتناقضة.
- والتركيز على مهارة الوصف في رصد المشيرات ليكون التوقع صحيحا.
ـ فرضية نتوقع فيها قضية النص مستغلين ما يناسب من مشيرات دالة.
ـ فرضية النص المقالي تتطلب التركيز على توقع معالم النص العامة المتعلقة ب قضيته (أدبية، اجتماعية ..) ونوعية الخطاب (مقالة تحليلية، ذاتية، موضوعية ..)، مقال نقدي، دراسة، وبطبيعة موضوعه (مفاهيم نقدية، مناهج الدراسة).
ـ يُرجى تذييل المقدمة بسؤال أو أسئلة ينتظر الإجابة عنها في العرض.

العــرض :

لقراءة نص نقدي لابد من الاستعانة بالمهارات والتقنيات التالية :
- لا بد من التدرج في التحرير من السهل في مرحلة المحتوى (الفهم)، أي عرض أفكار القضية النقدية، إلى المركب في مرحلة (تحليل) المحتوى حيث يتم اكتشاف الإشكالية المطروحة، أو المنهج الموظف، وجرد المفاهيم، تفكيك العناصر بجرد القضايا الفرعية، فالأكثر تجريدا، حيث يتم الكشف عن الإطار المرجعي، والحجاج ..

1 ـ الفهــــم :

- توظيف مهارة التلخيص في مرحلة الفهم (المحتوى) لإضاءة القضية وأفكارها. 
• عرض محتوى النص وقضيته، وذلك بجرد وشرح الأفكار الرئيسة والجزئية التي تمثل مدار قضية النص.

2 ـ التحلــيـل : 

- نستثمر مهارات التوسيع والمناقشة والمقارنة في مرحلة التحليل (تفكيك العناصر) لإضاءة الإشكالية المطروحة، وما يتعلق بها من قضايا فرعية ومفاهيم وإطار مرجعي وعلاقتها بالقضايا الفرعية وكذا بإطارها المرجعي. ثم نوظف مختلف أساليب الحجاج والاستشهاد. وبعد تجميع هذه المعطيات عن طريق التوسيع والمناقشة يلزم عقد مقارنة بينها لإبراز مختلف العلاقات الرابطة بين هذه القضايا داخل النص (الجزء بالكل، التشابه والاختلاف، التعارض والتكامل ..)، موظفين معطيات الدرس اللغوي (الاتساق، والانسجام، والحجاج ..).
- تتجنب الأحكام القبلية والذاتية، وتتوخى الموضوعية بواسطة البرهنة واستنباط المعاني من النص. واستثمار مكتسبات الدرس اللغوي  كالاتساق والانسجام وأساليب الحجاج لإبراز طرائق عرض النص وبُعدها الوظيفي فيه، وأثرها الجمالي.
- أثناء التحرير نراعي العلاقات المنطقية بين الجمل والأفكار والفقرات.

• تحليل / تفكيك عناصر النص :

1 ـ الكشف عن الإشكالية التي يطرحها النص وبيان العلاقة بينها وبين القضية الأساس التي أضأناها واستخرجنا أفكارها سابقا (مثلا إشكالية الصراع بين القديم والجديد / علاقته بقضية النص علاقة الكل بالجزء).
 2 ـ جرد / تحديد المفاهيم المرتبطة بقضية النص (معجم المصطلحات الأدبية والنقدية والبلاغية ..)، وتصنيفها في حقول معجمية/اصطلاحية (مثلا : حقل اجتماعي (سوسيولوجيا، واقعية اجتماعية ..)، حقل أدبي (السرد، الشخصيات ...))، وإبراز العلاقة بين هذه الحقول، والانطلاق منها لتحديد نوعية المنهج وخطواته، وطريقة الكاتب في توظيفه، وبيان مدى انسجامها أو تنافرها، مع ربطها بمرجعيتها النظرية والعلمية. 
3 ــ تحديد القضايا المركزية والفرعية المكونة للإشكالية داخل النص، وما أثثها من مفاهيم ؛ فالإشكالية تتضمن قضايا ومفاهيم، مع إبراز العلاقة بين هذه القضايا.
4 ــ مناقشة القضية المركزية، وإبراز علاقتها بالقضايا الفرعية، من خلال المقارنة بينها باعتماد (التشابه، والتكامل، والكل بالجزء ..)..
-  إن مرحلة تفكيك العناصر بالنسبة للنص النقدي تقتضي التعامل معه بحسب طبيعته؛ فإذا كان يعالج قضية نقدية يتم التركيز على إشكاليته المطروحة وقضاياها الفرعية، وإذا كان دراسة نقدية يتم التركيز على المنهجية المتبعة من قبل الناقد، وفي كلا النصين لا بد من الكشف عن معجم المفاهيم، والإطار المرجعي، ومختلف طرائق العرض الموظفة فيهما.
5 ــ الكشف عن الإطار المرجعي الذي ينتظم هذه القضايا والمفاهيم، والذي عرض من خلاله الكاتب قضيته :
ـ إذ يتم تحليل المرجعيات التي استند إليها الكاتب في عرضه لإشكالية النص والقضايا المتفرعة عنها، وبيان أثرها في النص، وكيف وظفها الناقد لتفسير الظاهرة المدروسة.
ـ كما قد نحلل العوامل التي فسر بها الناقد الظاهرة الأدبية المدروسة.
6 ــ إبراز طريقة/ طرائق عرض الإشكالية والقضايا التي يتناولها: 
- توظيف أساليب الحجاج، والبرهنة وطرائق الاستدلال .. في تحليل هذا المستوى. وعموما فإننا نحلل الجوانب التالية :
ـ الطريقة : استنباطية، أم استقرائية ؟
ـ أساليب التفسير التي اعتمدها الناقد للدفاع عن موقفه، أو لتفسير الظاهرة الأدبية المدروسة : (التعريف : بجرد الخصائص ووصف الاتجاهات ـ الوصف ـ السرد ـ التشابه ..).
ـ بيان الغرض من استعمال الكاتب أساليب الشرح والتفسير ..، وتحديد وظيفتها في النص.
ـ الحجج والبراهين المعتمدة : تاريخية، اجتماعية، نفسية، أدبية ...
ـ ما وظيفتها؟ وما مدى خدمتها للمنهج الموظف والقضية المطروحة؟
ـ إبراز خطوات المنهج.
ـ دراسة الوسائل اللغوية والشكلية المتحكمة في اتساق النص، والمبادئ والعمليات المحققة لانسجامه، وإبراز بعدها الوظيفي وأثرها الجمالي إذا طُلب منا ذلك.

 الخاتــمة :

وتشمل أنشطة التركيب والتقويم التي تقوم على تجميع المعطيات التي تم استخلاصها في المراحل السابقة، وتركيبها في شكل خلاصات، أو إصدار أحكام مبررة حول مضمون النص أو شكله. ونستعين في هذه المرحلة بالمهارات والاقتراحات التالية :
- التدرج من الخاص (تلخيص المعطيات والنتائج) إلى العام  (فتح النص على إشكالية عامة)، وانتقاء ما يناسب من أدوات الربط.
- التركيز على مهارة التلخيص لتركيب النتائج والكشف عن المقصدية، وتجنب توسيع الأفكار أو مناقشتها أو تفسيرها أو طرح الأسئلة.
- توظيف مهارة الحكم والتقويم والتعليق لبيان موقع النص داخل الدراسات النقدية، وذلك لإبراز الرأي الموضوعي في قيمة النص الأدبية والفنية، والابتعاد عن الأحكام الجاهزة :  
       
ـــ  بتلخيص قضية النص في فكرة عامة أو أفكار جزئية.
ـــ  تلخيص النتائج التي انتهى إليها الناقد وموقف الكاتب من القضية المطروحة، والوسائل التي وظفها الكاتب للتعبير عن القضية المطروحة.
ـــ  الكشف عن مواقف الكاتب ومقصديته ورهانه لإثبات أطروحته ؛ أي تأويل المقصدية بدقة. 
ـــ  السند المرجعي والمنهجي الموظف لتحقيق هذه المقصدية. 
ـــ  بيان مدى تحقق الافتراض الذي انطلقنا منه، والمتعلق بنوع المنهج أو القضية المطروحة أو النوع الفني للنص.
ـــ  بيان المعيار / المعايير التي انطلق منها الكاتب.
ـــ  التعبير عن موقفنا من القضية المطروحة، ومن الكاتب، ووجهة نظره، والاستفادة في ذلك  من آراء النقاد.
ـــ  إبراز أهمية المنهج في مقاربة الظواهر الأدبية، وتحديد إمكاناته وحدوده بمقارنته بمناهج أخرى.

تــنـــبـــيـــهــــــات :

ـ يفترض أن يكون مسار قراءتنا المنهجية تقويميا ينتهي بإعلان الحكم الافتراضي الذي انطلقنا منه في ملاحظة النص ، وعليه فإن الخاتمة، باعتبارها مرحلة للكشف، هي المكان المناسب للحكم بعد إجراءات تحليلية قمنا بها.  والحكم عادة ما يكون تقييما، أو استخلاصا لخصائص المنهج  موضوع الدراسة، أو اقتراحا لبديل، أو إبرازا لإمكانات المنهج وحدوده بمقارنته بغيره ، أو …  
ـ أحيانا  يكون الموضوع مذيلا  بسؤال واحد، مثل :
 اُكتب مقالا تحلل فيه النص تحليلا أدبيا يعتمد مراحل القراءة المنهجية، وتوظف فيه مكتسباتك من الدروس اللغوية، ودروس التعبير والإنشاء .
وأحيانا  يكون الموضوع مذيلا بأسئلة ، أو عناصر ، أو خطوات … مساعدة على الكتابة وفق مراحل القراءة المنهجية. 
 وفي كلتا الحالتين ، فإن الإطار المنهجي المقترح أعلاه يبقى مساعدا لك على الكتابة وفق خطوات القراءة المنهجية ، وفي ضوء خصائص المنهج المعتمد في النص، وبمساعدة المهارات المنهجية التي اكتسبتها في درس التعبير والإنشاء.
ـ قد يكون موضوع النص النقدي هو :
أدب مرحلة – أدب / شعر أديب أو شاعر – ديوان شاعر – مجموعة قصصية – قصة – رواية – قصيدة شعرية – بيت شعري يستدل به على افتراض في سيكولوجيا أديب معين – نوع / جنس أدبي ما – ظاهرة أدبية (معاصرة ، حداثة ، تجديد ، تقليد .. ) أو ظاهرة نقدية - كنقد طه حسين أو صلاح عبد الصبور ، أو محمد منذور .. للمناهج السيكولوجية)..
تعليقات