دروس الباكالوريا 2022 : أشكال نثرية حديثة

 

دروس الباكالوريا 2021 : أشكال نثرية حديثة


دروس الباكالوريا 2022 : أشكال نثرية حديثة


للسنة الثانية من سلك البكالوريا | مسلك الآداب والعلوم الإنسانية



الدورة الثانية : النثر العربي الحديث : أشكال نثرية ومناهج نقدية

المجزوءة الثالثة : أشكال نثرية حديثة



• القصة


يعتبر الحكي فنا من الفنون الأدبية التي لازمت الإنسان منذ القدم إلى يومنا هذا، وتنضوي تحته العديد من الأجناس الحكائية القديمة والحديثة، مثل الخرافة والسيرة الذاتية والمقامة والرحلة والرواية وغيرها. وهي أجناس، رغم اختلافها النوعي، تتقاطع في فعل الحكي ذاته الذي يقوم على ركنين أساسيين : المتن الحكائي (أو القصة) ويضم الأحداث والشخصيات، والمبنى الحكائي (أو الخطاب) وهو الطريقة التي يعرض بها هذا المتن، ويضم السرد والوصف والحوار.
ولا تخلو القصة نفسها من هذين الركنين باعتبارها أحد الأنواع النثرية التي تقوم على فعل الحكي والسرد.
والقصة لغة الحديث والخبر، وقصّ الخبر أعلمه وحدث به على وجهه. أما اصطلاحا فهي فن سردي يتصف بمجموعة من القواعد والخصائص التي تميزه عن باقي الأنواع السردية الأخرى. وبما أن الإنسان قد عرف منذ القدم أشكالا من القصص والحكايات، فإن فن القصة بالمعنى الحديث ظهر في أوروبا، خصوصا في القرنين الثامن والتاسع عشر. وهو يحيل على شكل سردي محدد يتصف بالاختزال والتكثيف، ويركز فيه الكاتب على لحظة زمنية خاصة، يعبر من خلالها عن موقف معين. ومن أبرز رواده موباسان وتشيخوف وإدجار آلان بو وغوغول وهوفمان. أما العالم العربي فلم يعرف فن القصة بالمعنى الاصطلاحي الحديث إلا في بداية القرن العشرين، وذلك عن طريق المثاقفة والترجمة والصحافة. ولم يكد ينته الربع الثاني من القرن نفسه حتى انتشر هذا الفن الأدبي في معظم أرجاء الوطن العربي، حيث لعب دورا فعالا في خدمة قضاياه الاجتماعية والقومية. ثم شهد بعد ذلك تنوعا في الاتجاهات الفنية كان أبرزها الاتجاه الرومانسي فالاتجاه الواقعي بمختلف أشكاله، ثم تلاهما الاتجاه الحداثي الذي اتسم بالتنوع في خرق القواعد التقليدية المتعارف عليها. وبالرغم من أن النقد القصصي كان تاليا لمرحلة الإبداع، بسبب هيمنة نقد الشعر عما سواه، إلا أن النصف الثاني من القرن العشرين شهد إرهاصاته الأولى التي تطورت بعد ذلك تطورا موازيا لتطور الكتابة نفسها.


• المسرحية


أما بالنسبة لمصطلح المسرحية فيقتضي الأمر التمييز بينه وبين مصطلح المسرح. فالأول يعني النص المسرحي القابل لأن يمثل ويعرض على الخشبة، أما الثاني فيعني النص المسرحي ممثلا على الخشبة، ومعروضا عليها وفق تقنيات المسرح وشروطه. وبما أن المسرح بهذا المعنى فن غربي عريق، فإن العرب لم يعرفوه إلا في منتصف القرن التاسع عشر، عن طريق المثاقفة والترجمة والصحافة. وكان لمارون النقاش ويعقوب صنوع وأبي الخليل القباني دور الريادة في هذا المجال. أما النص المسرحي فكان خلال هذه الفترة يتسم بالترجمة المبتورة، وقد أضيفت إليه عناصر محلية كالرقص والغناء، ليتجاوب معه الجمهور العربي. ولم يكد يحل العقد الثالث من القرن العشرين حتى بدأ المسرح ينتشر في العالم العربي، وبدأ الكتاب يؤلفون في البداية مسرحيات تتصف ببناء درامي غربي للتعبير عن أهم القضايا المرتبطة بحقبة الاستعمار، ثم انتقلوا لاحقا إلى تأصيل الكتابة المسرحية كي تستجيب للهوية العربية. أما النقد المسرحي، وخلافا لنقد القصة، فكان موازيا لكتابة النصوص منذ البداية. وقد عكف عليه المسرحيون أنفسهم، ثم انضاف إليهم النقاد لاحقا. ولم يخرج هذا النقد عن انطباعيته ومعياريته إلا بعد الخمسينيات، بفضل تخصص النقاد ومساهمات الكتاب أنفسهم بدراساتهم وبياناتهم وتنظيراتهم.
ورغم اختلاف القصة عن المسرحية من حيث الجنس الأدبي، باعتبار الأولى فنا سرديا والثانية فنا للعرض، فإنهما يتقاطعان في العديد من المكونات، كالحدث والشخصيات والحبكة وغيرها من العناصر الفنية، مع فارق هو هيمنة السرد على الأولى مقابل الحوار والسينوغرافيا على الثانية.
تعليقات