تحضير نصّ اِبراهيم عليه السلام يناظر قومه

تحضير نصّ اِبراهيم عليه السلام يناظر قومه




 المستوى: جذع مشترك آداب وعلوم إنسانية


المكون: درس النصوص


الموضوع: اِبراهيم عليه السلام يناظر قومه

المجزوءة الثانية: الحجاج – النص الإخباري.

الكتاب المدرسي (النجاح في اللغة العربية)



- الحكي نقل من طرف إلى طرف آخر مما يشكل أحداثا ووقائع حقيقية أو متخلية  تهم شخصيات إنسانية أو خرافية، وهو من الفنون التي ارتبطت بالإنسان منذ العصور القديمة.

- نعتمد في النصوص الحكائية مجموعة من التقنيات :

تقنية السرد،  تقنية الوصف،  تقنية الحوار.

تمهيد


الحجاج خطاب استدلالي صريح أو ضمني من مرسل يدافع عن رأيه وأفكاره ومواقفه، ويسعى إلى التأثير في المتلقي وإقناعه بصحة رأيه، ودفع الرأي المخالف معتمدا في ذلك على الحجج والبراهين، وغالباً ما يراعي صاحب الخطاب الحجاجي ثقافة المتلقي ومعتقداته من أجل بناء نسق استدلالي مناسب لكل مقام.

   

فما هي مقومات النص الحجاجي وخصائصه؟


الملاحظة

نوعية النص : النص آيات قرآنية من سورة الأنبياء، وهي سورة مكية طويلة اهتمت بتأصيل مفهوم التوحيد والدعوة إلى تطبيقه عمليا ، بعد الاهتداء إليه بالعقل والبصيرة، والنص يعمل على شحذ هذه البصيرة وإنارة ذلك العقل بما يعرضه من حقائق وأخبار حملت في طياتها أنواعا من الإلهام (الرشد) التي ألهم الله به رسله، ومنهم إبراهيم، لإقامة الحجة على الناس حتى لا يكون لهم عذر من جهل أو التباس.

دراسة العنوان : جملة خبرية بسيطة تؤشر على أن هذا الجزء من سورة الأنبياء يدخل في باب الخطاب الحجاجي الإخباري من جهة، لأن القرآن الكريم يخبر قريشا والناس كافة بهذه القصة لغاية إقناعية وتأثيرية.

 المناظرة  : الجدل الذي يدور بين شخصين حول قضية ما، ويستدعي من كل طرف تقديم الحجج والبراهين القوية لتعزيز موقفه.

الفرضية :

يمكن أن نفترض بأن هذه الآيات الكريمة تصور الجدل الذي دار بين إبراهيم وقومه الذين عجزوا عن محاججته بعدما اتضح زيف دعواهم فلجؤوا إلى جبروتهم لتصفية الخليل عليه السلام.


الفهم


يتمفصل النص القرآني موضوع تأملنا إلى جملة من المفاصل الخبرية والبرهانية، نورد منها:

 

1-  إلهام الله إبراهيم عليه السلام الهداية والرشد ومعرفة الحق والقدرة على الاستدلال عليه.

2- تأكيد إبراهيم فساد تصور قومه وآبائهم الظاهر للعقل، لعدم استناده إلى دليل معقول وفطرة مقبولة، وإرشادهم إلى المعبود الحق الخالق للسماوات والأرض وما فيهن، بخلاف معبوداتهم التي صنعوها بأيديهم مماثلة لبعض المخلوقات.

3- عزم إبراهيم بعد إعراض قومه عن الحجة النظرية على إقامة حجة عملية محسوسة ومؤثرة لا تدع مجالاً لشاك أو متكبر، وانتهازه لفرصة انصراف القوم إلى عيدهم، وكسره الأصنام، وتعليقه الفأس على عاتق كبير تماثيلهم.

4- استقدام إبراهيم عليه السلام لسؤاله أمام الملأ عما أصاب آلهتهم، حيث نسب الفعل إلى كبيرهم استدراجا لقومه للاعتراف بعجزها عن النطق للإخبار بمن فعل بها ما فعل، فأحرى السمع والعقل والحركة. 

5- لجوء قوم إبراهيم لما عجزوا عن المحاجة إلى الانتقام والقتل والحرق، وقدرة الله حالت دون ذلك.

6- هجرة إبراهيم وابن أخته لوط عليهما السلام من العراق إلى الشام البلد المبارك الذي بعث فيه أكثر الأنبياء، وفيه كثرة النعم والخصب.


التحليل



1-     عناصر النص وبناؤه :

·        النص الإخباري الحجاجي مركب من بنيتين : بنية سردية + بنية حجاجية.

أ - بنية سردية : نقل الخبر وتقديمه إلى المخاطب.
مادة السرد هي : الأحداث – الشخصيات – الفضاء الزماني والمكاني- المغزى والبعد من الحدث.

الأحداث : جدال اِبراهيم مع قومه حول المعبود.

الشخصيات : ِابراهيم – قومه.

المكان : قبيلة اِبراهيم .

الزمان : الزمن الذي عاش فيه الخليل.

ب - بنية حجاجية : توظيف اِبراهيم مجموعة من الحجج والبراهين لتأكيد صحة الخبر والدفاع عنه.

  

       الإقناع بواسطة حجج نظرية ومنطقية.

       الإقناع بواسطة حجج عملية  (تكسير الأصنان ونسبة الفعل إلى كبيرهم).

                      الإقناع بواسطة ترتيب القضايا والأفكار، والتدرج في عرضها.

 

2-     لغة النص وبلاغته :                                                                                       

   توسل الكاتب لينقل حديثَ أبي عامر ببلاغتين : بلاغة الإمتاع ، وبلاغة الإقناع :    

بلاغة الإمتاع : التأثير في المتلقي باستعمال لغة جميلة، فيها السجع.

بلاغة الإقناع : الإقناع بتقديم قصة نبي لكي لا يشك  المتلقي في الخبر + التدرج في عرض الأحداث +  التوسل بحجج منطقية وعملية.

3-       مقاصد النص وأبعاده  : 


- القصد من الحجاج هو تأكيد الله تعالى على أحقيته بالعبادة دون سواه. فالآلهة الأخرى بكماء صماء لا تسمن ولا تغني من جوع.

- البعد التارخي : يصور لنا الصعوبات التي واجهها الأنبياء والرسل في تبليغ دعوتهم.



التركيب والتقويم


النص حجاجي إخباري، يستفيد منه الناس عامة قصة على سبيل الاعتبار تحكي عما وقع لإبراهيم عليه السلام مع قومه في سياق دعوتهم إلى الملة القويمة والعقيدة الصحيحة بالحجة المنطقية الواضحة والدليل العملي التجريبي، وكذلك شأن كل الرسل، ومحمد صلى الله عليه وسلم أحد أولي العزم منهم، مبلغ هذا النص الكريم عن ربه، لذلك لا عجب أن يناله من قومه من محاربة دعوته إلى الحق، ومواجهة توجيهه إياهم إلى الآيات البينات والحجج الساطعات التي تدل على الله كما تدل على تفاهة ما هم فيه من اعتقاد باطل وسلوك منحرف بكل الإنكار والجحود والأذى، فيصبر الرسل وتكون لهم العاقبة. وقد اتخذت البنية الحجاجية في النص مسارا تصاعديا بدأ من إنكار إبراهيم عبادة قومه للتماثيل، ثم انتقل إلى الاعتراض على هذا السلوك الشركي وتعييبه، ثم وصل إلى النتيجة التي أسفرت عن عدم رغبة القوم في الاقتناع بدعواه ظلما وعدواناً رغم وضوح الحجة وقيام الدليل. هذه البنية الحجاجية الإخبارية عرضت بأسلوب قرآني معجز جمع بين السرد والحوار والخبر والإنشاء، واتسم بتكثيف دلالي (إيجاز) بليغ ومؤثر.
 
تعليقات