مُقتطفات روائية : مقتطف من رواية "زوربا اليوناني"، نيكوس كازانتزاكيس

 

مُقتطفات روائية : مقتطف من رواية "زوربا اليوناني"، نيكوس كازانتزاكيس


مُقتطفات روائية : مقتطف من رواية "زوربا اليوناني"، نيكوس كازانتزاكيس


ضحك زوربا بحرارة. أغمض عينه اليسرى ونظر إليّ بعينه الأخرى، وقال:

يجب أن تغفر لي يا معلم. لكنني مثل جدّي أليكسيس – رحم الله عظامه! كان يجلس في المساء أمام باب بيته عندما بلغ المائة من عمره ويحدّق في الصبايا الذاهبات إلى البئر. لم يكن يستطيع أن يرى جيداً، ولم يكن يستطيع أن يتبين الأشياء بوضوح، لذلك كان ينادي الفتيات ليأتين إليه. 'أقول، أي واحدة أنت؟' 'إكسينيو، ابنة ماستراندوني' 'اقتربي أكثر ودعيني ألمسك. تعالي، لا تخافي!' كانت تقترب من وجه جدّي، الذي يرفع يده إلى وجهها ويتحسسه ببطء، بشكل حسّي، وتتدفق دموعه. 'لماذا تبكي يا جدّي؟' سألته ذات يوم  "آه، ألا تظن أنه يوجد لديّ ما أبكي عليه يا بني، عندما أموت ببطء وأترك ورائي تلك الفتيات الجميلات؟" 

تنهّد زوربا، ومضى يقول: "آه يا جدّي العجوز المسكين كم أتعاطف معك! وغالباً ما أقول في نفسي: 'آه، يا للتعاسة! كم أتمنى أن تموت جميع النساء الجميلات عندما أموت أنا!' لكن العاهرات سيواصلن الحياة. سيمضين وقتاً ممتعاً، وسيطوقهن الرجال بأذرعهم ويقبّلونهن، في الوقت الذي أصبح فيه أنا مجرّد حفنة من التراب يطأن عليه!"

أخرج عدداً من حبات الكستناء من النار، قشرّها، وقرعنا كأسينا. وظللنا نشرب طويلاً ونمضغ مثل أرنبين كبيرين ببطء شديد، وكان يتناهى إلينا صوت هدير البحر.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-