مُقتطفات روائية : مقتطف من "جريمة الولادة"، تريفور نوا

مُقتطفات روائية : مقتطف من "جريمة الولادة"، تريفور نوا



 مُقتطفات روائية : مقتطف من "جريمة الولادة"، تريفور نوا


كان جميع أفراد أسرتي متدينين، ومع أن أمّي اندمجت في فريق المسيح اندماجاً كاملاً، فقد جعلت جدتي إيمانها المسيحي يسير جنباً إلى جنب مع معتقدات الإكسهوزا التقليدية التي تربّت عليها، وظلت على تواصل مع أرواح أسلافنا. ولفترة طويلة، لم أفهم لماذا تخلّى عدد كبير من السود عن دينهم الأصلي واعتنقوا الديانة المسيحية. لكن كلما ذهبنا إلى الكنيسة أكثر وجلست في تلك المقاعد، ازدادت معرفتي حول كيف تعمل المسيحية: فإذا كنت من سكان أمريكا الأصليين وصلّيت للذئاب، فأنت شخص همجي، وإذا كنت أفريقياً تصلّي لأسلافك، فأنت شخص بدائي، أما عندما يصلّي الرجل الأبيض لرجل يحوّل الماء إلى نبيذ، فهذا هو المنطق السليم.


ملأت الكنيسة طفولتي، أو أحد أشكال الكنيسة، لما لا يقل عن أربع ليال كلّ أسبوع. إذ تخصص ليلة الثلاثاء للصلاة، وليلة الأربعاء لدراسة الكتاب المقدّس، وليلة الخميس للذهاب إلى كنيسة الشباب، أما يوم الجمعة فهو يوم عطلة (يوم لارتكاب الخطيئة). ففي كلّ يوم أحد نذهب إلى الكنيسة، وبدقة أكبر، نذهب إلى ثلاث كنائس. كنّا نذهب إلى ثلاث كنائس لأن أمّي تقول إن لكلّ كنيسة مذاقها الخاص وتمنحها شيئاً مختلفاً. فالكنيسة الأولى تقدّم مديحاً مبهجاً لله، والكنيسة الثانية تمنحها تحليلاً عميقاً للإنجيل الذي تحبّه أمّي كثيراً، في حين تمنح الكنيسة الثالثة تطهيراً للنفس حيث تشعر حقاً بأن روح القدس موجود في داخلك. وبينما كنّا نتنقل بين هذه الكنائس، لاحظت، بمحض لصدفة، أنّ كلّ كنيسة من هذه الكنائس تتميّز بتركيبتها العرقية: فالكنيسة البهيجة هي كنيسة مختلطة، والكنيسة التحليلية هي كنيسة البيض، والكنيسة التطهيرية هي كنيسة السود.


كانت "كنيسة ريما للكتاب المقدّس" هي الكنيسة المختلطة، وهي واحدة من أضخم الكنائس الحديثة في الضواحي يرتادها أكبر عدد من المصلين. وكانت لدى راي مكولي، راعي الكنيسة، الذي كان أحد أبطال كمال الأجسام في الماضي، ابتسامة عريضة وشخصية جذابة. وكان قد شارك في مسابقة بطل الكون لكمال الأجسام عام 1974، وحلّ في المرتبة الثالثة، وكان أرنولد شوارزنيغر الفائز بالمرتبة الأولى في تلك السنة.


كان راي يعتلي خشبة المسرح كلّ أسبوع، ويبذل كل ما بوسعه كي يجعل المسيح يبدو لطيفاً. وكانت القاعة في شكل حلبة أو مدرج، وكانت فرقة روك تعزف آخر أغاني البوب المسيحية المعاصرة. وكان يشارك المصلين في الغناء، ولا بأس إن كنت لا تعرف كلمات الأغنية، فقد كان بإمكانك أن تقرأها على شاشة جومبوترون كبيرة. في حقيقة الأمر، كانت حفلة غنائية مسيحية، لذلك كنت أحب دائماً أن أذهب إلى الكنيسة المختلطة.


أما كنيسة البيض فهي كنيسة اتحاد روزبانك في ساندتون، الحيّ الغني الذي يعيش فيه البيض فقط في جوهانسبرغ. كنت أحبّ الذهاب إلى كنيسة البيض لأنني لم أكن أضطر للمشاركة في الصلاة الرئيسية. فقد كانت أمّي تذهب لتصلّي، وأذهب أنا إلى قسم الشباب لحضور مدرسة يوم الأحد حيث كنا نقرأ قصصاً جميلة. وكانت قصة نوح والفيضان إحدى أحبّ القصص إلى قلبي، لكنني كنت أحبّ أيضاً قصة موسى وهو يفلق البحر الأحمر، وقصة داوود وهو يقتل جالوت، وقصة يسوع وهو يضرب الصرّافين في المعبد ويطردهم منه.

تعليقات