الخطاب السياسي | الاختلاف والتعددية السياسية، د. برهان غليون


 الخطاب السياسي | الاختلاف والتعددية السياسية، د. برهان غليون

الخطاب السياسي | الاختلاف والتعددية السياسية، د. برهان غليون



المكون : درس النصوص 
المجزوءة : أنواع الخطاب
الموضوع : الخطاب السياسي 
• الاختلاف والتعددية السياسية، د. برهان غليون (وآخرون) / ص 37.

السنة الأولى من سلك البكالوريا؛ الشعب العلمية والتقنية.


تقديم


تعرف السياسة بأنها فن إدارة وتدبير الشؤون العامة للدولة وتوجيهها؛ بواسطة أساليب قيادة الجماعات البشرية، وتنظيم العلاقات بين الأمم، كما تعرف أحيانا بأنها فن تقنين وتنظيم استعمال السلطة في المجتمعات البشرية. ومهما تعددت تعريفات السياسة، فإنها لا تخرج عن كونها فن إدارة المصالح الذاتية والجماعية، خارج الاعتبارات الأخلاقية والمعيارية.
ولاصطلاح الخطاب السياسي حضور بارز في الأبحاث المتصلة بمجال السياسة، كما له تداول ملحوظ في الأحاديث والنقاشات اليومية. ورغم تعدد التعريفات، يمكن القول إن الخطاب السياسي شكل من أشكال الخطاب، يعمل المتكلم (فردا كان أو جماعة أو حزبا) بواسطته، على مواصلة تملك السلطة في الصراع السياسي، ضد أفراد أو جماعات أو أحزاب أخرى.

وعموماً فإن الخطاب السياسي يتصف ب: 
- أنه ذو بنية نظرية على درجة من التماسك، وهي بنية مستمدة من إيديولوجيا معينة.
- أن لغته آمرة في طبيعتها، وتميل أساسا إلى التذكير بالإيجابيات.
- أنه يعتمد على البلاغة بشكل لافت، لأن تأثيرها العاطفي يعود إلى أهميتها الثقافية على مر التاريخ الإنساني الطويل.
- أنه يتميز بالطول عموما وبتكرار الكلمات والجمل، لحمل المتلقي على التركيز على فكرة بعينها. وينتج عن هذه الخاصية سيطرة أسلوب الإطناب، وغلبة الخبر على الإنشاء، والوثوقية والتقرير على الحكم بنسبية الأمور.


١. الملاحظة


• انطلاقاً من قراءة بداية النص، نفترض أنه مقالة حجاجية تفسيرية ستعالج موضوع الاختلاف السياسي وعلاقته بتعدّد القوى والمذاهب والأحزاب في المجتمعات المعاصرة.

٢. الفهم


القضية الرئيسة

• يعبّر الكاتب عن موقفه من الاختلاف السياسي والأحزاب والمذاهب في المجتمع، ويدافع عن المجتمع الديمقراطي، لأنه يسمح بهذا الاختلاف وينظمه، محلّلا علاقة النظام الديمقراطي بالاختلاف السياسي والتعددية الحزبية، ليخلص، في نهاية المطاف، إلى أنها علاقة إيجابية، وقد احتج على صحة هذا التحليل بحجج وبراهين متنوعة.

عناصر القضية

• تأكيد الكاتب على أن الاختلاف فطرة فطر الله البشر عليها، وتبيانه لأشكال التعدد في المجتمعات المعاصرة، معتبرا إياه (التعدد) خطرا على تماسك المجتمعات، إذا لم يوجد المجتمع المعني سبلا سالكة وناجعة لإدارة وتدبير الشؤون العامة في ظل أوجه الاختلاف.
• دفاعه عن النظام الديمقراطي من حيث إنه نظام واقعي بإمكانه التغلب على مخاطر تفكيك المجتمع، وتقوية تماسكه، وتحويل أوجه الاختلاف فيه إلى تنوع يغني التجربة الإنسانية ويزيد من إمكاناته، بدل زرع العصبية والإقصاء في أحشاء المجتمع.
• ضرورة نهوض التعددية، أولا وقبل كل شيء، على الحوار والنقد والاعتراض والأخذ والعطاء، وبذلك يكون التعايش في إطار السلم القائم على التوازنات والحلول الوسط.

٣. التحليل


الحقول الدلالية

زاوج الكاتب في النص بين حقلين دلاليين : حقل دال على النظام الديمقراطي، وحقل دال على النظام غير الديمقراطي :

• الألفاظ والعبارات الدالة على مميزات النظام الديمقراطي : نظام واقعي، تنوع يغني تجربة المجتمع ويزيد من إمكاناته، يعترف بالواقع ويعايشه سعيا إلى تطويره في المستقبل..

• الألفاظ والعبارات الدالة على مميزات النظام غير الديموقراطي : مخاطر تفكيك المجتمع، التستر على أوجه الاختلاف وإنكار التعدد بمنزلة قنابل موقوتة في أحشاء المجتمع...

 نستشف أن العلاقة الرابطة بين هذين الحقلين، حسب النصّ، هي علاقة تضاد وتعارض...


• الألفاظ والعبارات التي تدل على دفاع الكاتب عن النظام الديمقراطي : 
- "المجتمع الديمقراطي يتميز عن غيره بأنه مجتمع واقعي لا يكبت بالقوة مظاهر الاختلاف ولا ينكر حق التعدد،،،" 
- "هذه ميزة النظام الديمقراطي من حيث إنه نظام واقعي لا يتعالى على حقائق التركيبة الاجتماعية، بل يعترف بالواقع ويعايشه سعيا إلى تطويره في المستقبل."
- "ولكن الاختلاف الجوهري الملحوظ بين النظام الديمقراطي وبدائله، يقوم أساسا على علنية الاختلاف... وقبول تعدد الاتجاهات السياسية،،،". 


• المنهج الاستدلالي/ طريقة الكاتب

وظّف الكاتبُ منهجاً/ أسلوباً استنباطياً انطلقَ بموجبه من قضيّة عامةٍ مؤداها بدهية الاختلاف وأشكال التعدد في المجتمعات المعاصرة. بعد ذلك انتقل إلى عرضِ عناصر هذه القضيّة مؤكداً أنّ النظام الديمقراطي، بخلاف بدائله، كفيل بتدبير التعدد بواسطة الحوار والنقد والتعايش وتداول السلطة سلميا. وعموماً فقد أسهم هذا المنهج في اتساق النّص منطقياً وانسجامه دلاليًّا.

• البعد اللغوي الأسلوبي

وظّف الكاتبُ لغةً تقريريّة سلسةً واضحةَ المبنى والمعنى وتنزعُ منزعاً تحليلياً. ويهيمنُ على النص الأسلوبُ الخبري.

٤. التركيب والتقويم 


ينبني النّص على أطروحةٍ مركزيّة مفادُها: التعددية هي أولا وقبل كل شيء حوار وتعايش وسلم؛ لأن التعددية النابعة من روح التعايش وتداول السلطة تشكّل محرّكاً رئيساً للإبداعِ والابتكار والتنوع الذي يغني تجربة المجتمع ويزيد من إمكاناته. وللدفاع عن هذه الأطروحة وظّف الكاتبُ معجماً ينوسُ بين حقلِ مميزات النظام الديمقراطي وبين حقل مميزات النظام غير الديموقراطي، كما أنه اعتمد منهجاً استنباطيا تبدّى في تدرُّج الأفكار من العام إلى الخاص. فضلاً عن هذا المنهج اعتمد الكاتب دزينة من أساليب التفسير والتوضيح، التي اتخذت من التأكيد والاستنتاج والتمثيل منطلقاً لها، وذلك بغرضِ إقناعِ القارئ والتأثير عليه. وأعتقدُ أنّ الكاتبَ يحمل تصوراً وجيهاً فالتعددية السياسية ليس لها معنى إذا لم يكفل الدستور تداول السلطة سلميا في ظل نظام ديمقراطي.



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-