الخطاب الإشهاري - صناعة الإشهار / د . سعيد بنكراد


الخطاب الإشهاري -  صناعة الإشهار د . سعيد بنكراد

المكون: درس النصوص

المجزوءة الأولى : أنواع الخطاب

الخطاب الإشهاري

الخطاب الإشهاري -  صناعة الإشهار /  د . سعيد بنكراد



صناعة الإشهار

   إن الإشهار لا يبيع منتجات فحسب، وهو ليس واجهة لتواصل محايد، وهو أيضا ليس مجرد واسطة بين البائع وزبونه. إنه ظاهرة اجتماعية في المقام الأول. وبصفته تلك، فإنه يقوم بوظائف ثقافية متنوعة ومتعددة، فهو يكرس الموجود من حيث إنه يلتقط القيم السائدة اجتماعيا، ولكنه يبشر في الوقت ذاته بنماذج قيمٍ جديدة من حيث إنه، في سعيه إلى البيع الدائم، يخلق نسقا من القيم قادرا على استيعاب الجديد في المنتجات والخدمات.

   والإشهار في كل الحالات ليس حكم قيمة ثابتا منحازا إلى موقف دون سواه. إنه كل هذه المواقف مجتمعة ومنفصلة، فهو يرتبط إلى حد كبير بالعصر، ولكنه في الآن نفسه يستند إلى الأحكام القديمة في الأخلاق والسلوك والتعاطي مع المحيط وأشيائه. وهو في كل صيغه وأشكاله لا يكتفي بالبيع، بل إنه يعلم الصغار والكبار على حد سواء كيف ينتمون إلى ثقافة بعينها وكيف يعيشون ضمن نموذج اقتصادي بعينه، وكيف يمارسون عمليات البيع والشراء في جزئيات حياتهم. إنه بتلك الصفات كلها من أجل البيع ولا شيء سواه، أي أن الوصلة التي لا تبيع لا قيمة لها ولا يمكن أن تكون ناجحة، وهذا ما يشكك في القيمة التواصلية لكل الوصلات الإشهارية التي لا تنبثق من التربة الثقافية للزبون المستهدف. إنها قد تغريه في الظاهر، ولكنها لا يمكن أن تنفذ إلى وجدانه ولا يمكن أن تشكل رافدا للشراء، ولذلك فإن صانع الإشهار لا يستطيع الوصول إلى الزبون والدفع به إلى الشراء، إلا إذا كان عارفا بكل تفاصيل حياته: نفسيته ووضعه الاجتماعي وسنه وجنسه ومجاله المهني. وتعد هذه المعرفة عنصرا أساسيا في عملية صياغة الوصلة الإشهارية وبناء خطابها واختيار ألوانها وأشكالها وألفاظها.

   لقد أصبح الإشهار حقيقة اجتماعية وثقافية، قبل أن يكون مجرد آلية اقتصادية تشجع على الشراء. وبذلك أيضا أصبح جزءا من الفضاء الاجتماعي، وجزءا من الفضاء الجغرافي، وجزءا من وجدان المواطنين كلهم في مختلف بلدان العالم. إن آلياته لا تقتصر على البيع والشراء فحسب، بل إنها تُـسْهِم في خلق ثقافة توجه السلوك الاجتماعي وتحدد مواقف الأفراد والجماعات وأنماط استهلاكهم وعيشهم.  

                        المرجع: د . سعيد بنكراد : تقديم  وترجمة  لكتاب " الإشهار والمجتمع " (بيرنار كاتولا)

                       منشورات علامات، طبعة 2012، الصفحات: 13- 14-15 ( بتصرف ) .


اقرأ النص، ثم أجب عن الأسئلة الآتية:

1-         بِمَ يوحي إليك عنوان النص؟

2 - حدد القضية الأساس التي يعالجها النص

3 -  ماذا يقصد الكاتب بقوله : "لقد أصبح الإشهار حقيقة اجتماعية وثقافية قبل أن يكون مجرد آلية اقتصادية تشجع على الشراء"..

4 - يتوزع النص حقلان دلاليان: حقل الإشهار وحقل المجتمع. اجرد بعض الألفاظ والعبارات الدالة على كل حقل منهما، ثم حدد العلاقة بينهما،  مستعينا بالجدول الآتي:

 الألفاظ  والعبارات الدالة على الإشهار

  الألفاظ والعبارات الدالة على المجتمع

العلاقة بين الحقلين

 

 

 

5 - حلل قول الكاتب: " إن الإشهار يعلم الصغار والكبار، على حد سواء، كيف ينتمون إلى ثقافة بعينها وكيف يعيشون ضمن نموذج اقتصادي بعينه "..

6 - وظف الكاتب في النص أسلوب التفسير، استدل على ذلك بمثالين، مبينا وظيفة هذا الأسلوب في النص.

7 - ركب ما توصلت إليه من إجابات في خلاصة مركزة، مع إبداء رأيك الشخصي في موضوع النص.







المكون: درس النصوص

المجزوءة الأولى : أنواع الخطاب


الخطاب الإشهاري -  صناعة الإشهار  د . سعيد بنكراد


تذكير

لا شكّ أنّ الخطاب الإشهاري أصبح في الوقت الراهن من أكثر الخطابات تأثيراً في مُستقبل الرسائل البصرية وأقواها. ولم يكن ليحظى هذا الخطاب باهتمام الباحثين في مجال الصورة عموماً لولا أنّ هذا التأثير قد تجاوز تغيير العادات الاستهلاكية للجمهور الواسع إلى تغيير قناعاته الفكرية وميُولا ته الثقافية والإيديولوجية بوجه عام. فأصبح الترويج للمنتوج وترغيب المستهلكين فيه وتحبيبه إليهم دعوة ضمنية إلى تبني قيم ثقافة معينة والانخراط فيها.

الملاحظة 

1 - يوحي عنوان النصّ، الإشهار والمجتمع، أن الإشهار ظاهرة اجتماعية، وأنه صناعة قائمة الذات تقف وراءها مؤسسات كبرى  مختصة  في التواصل والترويج التجاري.


الفهم


2 - يعالج النص موضوع الإشهار من حيث كونه صناعة و ظاهرة اجتماعية تقوم بوظائف ثقافية متعددة، انطلاقا من توظيف مجموع القيم الاجتماعية من أجل إقناع الزبائن المستهدفين في عملية الاستهلاك، مع التوكيد على  الدور الذي يلعبه  الإشهار في توجيه السلوكات  الاجتماعية وخلق أنماط ثقافية واستهلاكية جديدة.

 

3 - يقصد الكاتب بقوله، "لقد أصبح الإشهار حقيقة اجتماعية وثقافية قبل أن يكون مجرد آلية اقتصادية تشجع على الشراء"، أنّ هناك تقابلاً بين وجهين متكاملين للعملية الإشهارية: الوجه الثقافي والوجه الاقتصادي..

 

التحليل


4 - الحقلان الدلاليان والعلاقة القائمة بينهما: 

الألفاظ والعبارات الدالة على  الإشهار : يبيع ، منتجات ، واسطة بين البائع والزبون ، البيع الدائم، عمليات الشراء، المنتجات، الوصلة، الوصلات الإشهارية، صانع الإشهار .........


 - الألفاظ والعبارات الدالة على المجتمع: القيم السائدة اجتماعيا، الأخلاق،  السلوك، المحيط، الوضع الاجتماعي ، ظاهرة اجتماعية .........


العلاقة بين الحقلين : العلاقة القائمة بين الحقلين علاقة ترابط وتفاعل، من زاوية كون المجتمع يشكل نقطة  انطلاق صناعة الإشهار وفي المقابل يسهم   الإشهار ذاته في توجيه السلوكات الاجتماعية..



5 - يؤكّد الكاتب، من خلال الفكرة موضوع التحليل، على شمولية الخطاب الإشهاري لكل الفئات العمرية واستهدافها، من أجل خلق نماذج جديدة للانتماء الثقافي قائمة على الاستهلاك ضمن وضعيات اقتصادية  محددة.


6- أسلوب التفسير ووظيفته في النص:

     المثالان: 

-      إنه بتلك الصفات كلها من أجل البيع ولا شيء سواه، أي أن الوصلة التي لا تبيع لا قيمة لها ..

-      إن صانع الإشهار لا يستطيع الوصول إلى الزبون والدفع به إلى الشراء إلا إذا كان عارفا بكل تفاصيل حياته: نفسيته ووضعه الاجتماعي وسنه وجنسه ومجاله المهني.

     الوظيفة

عادة ما يوظف أسلوب التفسير بغرض شرح الأفكار والقضايا التي يعالجها النص، لمزيد من التبسيط والتوضيح وتقريب المعاني إلى القارئ والتأثير فيه...


التركيب والتقويم


7 - يبرز الكاتب خُطورة الخطاب الإشهاري كونه أصبح صناعة وظاهرة اجتماعية تقوم بوظائف ثقافية متعددة، انطلاقا من توظيف مجموع القيم الاجتماعية من أجل إقناع الزبائن المستهدفين في عملية الاستهلاك. ولبناءِ هذه الفكرة وظفَ الكاتب حقلاً دلالياً ينوس بين الإشهار وبين المجتمع. إضافة إلى اعتماده أسلوبَ التفسير أداةً للتوضيح وشرح الأفكار قصد الإقناعِ بصحّتها، متوسلاً بلغةٍ تتراوح بين التقرير المباشر والبيان التصويري. وأعتقد، بحقٍ، أنّ الإشهار التجاريّ- خصوصاً- لا يأبه للمتلقي. إنّه ينظر إليه كمستهلكٍ شرهٍ يحتاجُ دائماً إلى موادٍ ومنتوجات تُشبع رغباته. فهو لا يرى ضيراً في استهداف لا وعيه ومخاطبة عقلهِ النائم بلغةٍ سريّة لا يهمها سوى الربح. لهذا، أرى أن الإشهار خطابٌ حمّالٌ لأسباب الخراب والدمار؛ إنه أفيون الشعوب بلغة الكاتب محمد الولي.

تعليقات