الهدف البيداغوجي والكفاية


الهدف البيداغوجي والكفاية

الهدف البيداغوجي والكفاية


الهدف البيداغوجي/التربوي


هناك تعاريف عديدة للهدف البيداغوجي أو التربوي أو التعليمي. فهوّ التغيير الذي يحصُل على سلوك المتعلّم، أو إنه عبارة عن المكتسبات النظريّة أو العمليّة أو هما معاً، التي حصل عليها المتعلّم بعد انتهاء عمليّة التعلّم. وقد يكون الهدف التربوي مجرّد النوايا التي يسعى إلى تحقيقها أو  تطويرها المدرّس لدى المتعلّم.
رغم أنّ التعريف السابق يقرّبُ إلينا مفهُوم الهدف البيداغوجي إلاّ أنه ليس هناك تحديد نهائي ودقيق لمعناه. فالمصطلح ارتبط استعماله بالمجال العسكري ثمّ بكلّ ما هو استراتيجي يتوخّى الدقة والضبط. وفي منتصف القرن العشرين تمّ تداوله في المختبرات البيداغوجية وفي كليات علوم التربية وفي مراكز تكوين المدرّسين. واعتُبر اعتماد الأهداف في التربيّة والتكوين طيلة النصف الأخير من القرن الماضي ثورة بيداغوجيّة غير مسبوقة. فالإعلان منذ البداية عن الأهداف المراد تحقيقها من خلال العملية التعليميّة- التعلّمية، يسمح بضبط مسار هذه العملية ويضفي عليها طابع العقلنة مما يجعل حدّاً للتأويلات والنوايا. إنها بيداغوجيا تسمح بالتخطيط الدقيق والتنفيذ الأمثل والتقويم الموضوعي للمكتسبات التي يُفترض أن تتحقق لدى المتعلّم. وبشكلٍ عام، فإنّ هناك جملة من الخصائص التي تُميّز الهدف التربوي، وهي:
-         يصاغ الهدف التربوي بطريقة تبتغي الوصول إليه أو تحقيقه بعد حصول عمليّة التعليم والتعلّم؛
-         يتضمّن تحديد الهدف التربوي الإشارة إلى ما يتحقق لدى المتعلّم بعد بذل النشاط وانتهاء عملية التعليم والتعلّم؛
-         يتميّز الهدف التربوي بإمكانية ملاحظة أو قياس أو وصف السلوك المكتسب لدى المُتعَلّم، إذ بعد حُصول عمليّة التعليم والتعلّم يركّز الهدف التربوي على نتائج التغيير الحاصل بفعل المكتسبات التعليميّة- التعلّمية الجديدة.
وتبعاً للخصائص المشار إليها، فإنّ الهدف التربوي عبارة عن سلوك مرغوب في تحقيقه لدى المتعلم، بعد بذل نشاط من قبل كل من المتعلّم والمعلّم. والسلوك التعلمي المكتسب، قابل لأن يكون موضوع ملاحظة وقياس وتقويم.

 (أحمد أوزي، المعجم الموسوعي الجديد لعلوم التربية، منشورات مجلة علوم التربية العدد 42، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، ط الأولى 2016، ص 97).

·       ويشيرُ  محمد الدريج إلى أنّ للتدريس بالأهداف مجموعة من المزايا، أهمّها:

-         تسهيل برمجة الأنشطة التعليميّة وخلق الانسجام بين كيانات التدريس، مما يجعلُ مكونات العمليّة التعليميّة تتكامل فيما بينها ويُنظر إليها نظرة شموليّة؛
-         تسهيل التواصل، بحيث تتخذ العمليّة التعليميّة- التعلّمية طابع الدقّة والوضوح في خطواتها، مما يخلق تواصلاً جيّداً بين المُعلّم والمتعلّم؛
-         ضبط عمليّة التقويم، بحيث تصبح هذه العملية مضبوطة ودقيقة تحدد مبتغاها من خلال الربط الوثيق بينها وبين الأهداف التعليميّة التي تم تحديدها.

( محمد الدريج، التدريس الهادف، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، 1990).


الكفاية


يُورد محمّد الدريج تعريفا مركّزاً للكفاية التي تعرّف بأنّها "نسقٌ من المعارف المفاهيمية والمهاريّة (العمليّة) والتي تنتظم على شكل خطاطات إجرائيّة تمكّن داخل فئة من الوضعيّات (المواقف) من التعرّف على مهمة – مشكلة وحلّها بإنجاز (أداء) performance ملائم".
  (محمد الدريج، الكفايات في التعليم، سلسلة المعرفة للجميع، منشورات رمسيس أكتوبر 2000، ص 59.)

انطلاقاً من هذا التعريف يستخلص الدريج جملة من الخصائص التي تميّز الكفايات؛ وأبرزها :
-         ارتباطها بالوضعيات (situations) التي تطرح إشكالاً عندما تحتم على الفرد إنجاز مهمّة لا يتحكّم في كلّ مكوناتها وخطواتها، فتغدو الكفاية مجموع المعارف والقدرات الضرورية لمواجهة الوضعية وحل الإشكال؛

-         تجنيد الكفايات للمعارف والمهارات من مستويات مختلفة للاستجابة لطلب اجتماعي خارج عن تطور منطقها الداخلي يجعلها ذات طابع شمولي ومدمِج؛

-         رغم ارتباط الكفايات بالقدرات الداخليّة فإنّنا نستدل على توفرها وعلى تحقّقها لدى المتعلم بالإنجازات (الأداءات) التي يتفوّق فيها؛

-         قابليّتها للنمو والاغتناء بما يكتسبه المتعلّم من قدرات معرفيّة ووجدانيّة وحسيّة حركيّة، بحيث تصير هذه القدرات هي المغذي الأساسي للكفايات.


·       تعريف الدكتور محمد أمزيان : "الكفاية هي القدرة الشخصيّة على التكيف بطريقة متجدّدة وغير نمطية مع وضعيات جديدة، فالمهم ليس هو التحكّم في الإجراءات فقط، ولكنه كذلك القدرة على حشد هذه الإجراءات". (محمد أمزيان، الذكاءات المتعددة وتطوير الكفايات، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، ص 52-53).

·       تعريف كَزافيي روجرس : "الكفاية هي إمكانيّة الفرد وقدرته على تعبئة مجموعة مندمجة من الموارد (معارف ومهارات ومواقف) بكيفيّة مستبطنة، بهدف حل عشيرة من الوضعيات – المسائل". (العربي اسليماني، المعين في التربيّة، المطبعة والوراقة الوطنية، الطبعة السادسة 2013، ص 105).
إنّ الكفاية مجموعة من الإمكانات potentialités  التي يكون الفرد قادراً على تعبئتها وتفعيلها بهدف مواجهة وضعية – مشكلة جديدة، وهي مكتسبة ولا تتحقق إلاّ من خلال أفعال ملموسة.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-