قيمة التسامح: تسامح الصّغار | أحمد شوقي

قيمة التسامح: تسامح الصّغار | أحمد شوقي


قيمة التسامح: تسامح الصّغار | أحمد شوقي





المكون: النصوص                                                           الأستاذ: عبد الرّحيم دودي


      الموضوع: قيمة التسامح: تسامح الصّغار | أحمد شوقي، ص 135                                                                         
          الكتاب: واحة اللغة العربية | للسنة الأولى من سلك البكالوريا: مسالك العلوم  
                                             

I.                تقديم:

يفيدُ التّسامح الإقرار بحقّ الاختلاف وقبول الآخر، واحترام الرّأي المخالف بصرف النظر عن عقيدة صاحبه وعرقه ولونه وانتمائه الفكري والسياسي وطبقته الاجتماعية، والاعتراف بحقّه في التعبير عن رأيه بطلاقة ودون رقابة. إنّ التسامح قيمة إنسانية وضرورة سياسية وقانونية ومشيرٌ دالٌّ على التحضّر. وقد احتفى الشعر العربيّ بهذه القيمة بأشكالٍ مختلفةٍ، سنُحاول الوقوف عند أحد وجوهها من خلال قصيدة "تسامح الصّغار" للشاعر أحمد شوقي. فكيفَ تغنى الشاعر بهذه القيمة في قصيدته؟



II.                ملاحظة النص:

1.          قراءة العنوان: وردَ العنوان عبارةً عن جملة اسميةٍ حُذفَ مبتدؤُها. ويحيلُ، دلاليّاً، على أهميّة قيمة التسامحِ -بما هي قبولٌ للاختلافِ والمغايرة- في تمتين العلاقات بين أوصال الجسد الإنساني وبخاصة بين الصغار.
2.          فرضية القراءة: نفترضُ، انطلاقاً من قراءة العنوان وبدايةِ القصيدة ونهايتها، أنّ الشاعرَ سيتغنى بقيمة التسامحِ في جوٍّ تغشاه الأفراحُ والمسرّات.

III.                فهم النّص:

1.         الوحدة الدلالية الرئيسة:

-            بيان الشاعر مظاهرَ التسامحِ بين كلّ فئات المجتمعِ فرحاً بمناسبة عيد المسيح عليه السلام التي ذوّبت الأحقاد الصغيرة.

2.         الوحدات الدّلالية الصغرى:

-            وصفُ الشاعر حال الصغار وهم يمرحونَ بازدهاءٍ فرحاً بحلول عيدِ المسيح عليه السّلام؛
-            إبراز الشاعر أنّ هذه المناسبة الدينية كانت عيداً عاماً شمل كل الأطياف الدينية على اختلافها وتباينها.




IV.                تحليل النص:

1.         الحقول المعجميّة:


حقل دال على التسامح: اجتمع الكلّ، حسبتهم باقة تزهر، فلاسفة كلهم، في اتفاقٍ، اتفق الآل والمعشر، لا يزدري بالفقير الغني، لا ينكر الأبيضَ الأسمرُ
حقل دال على الفرح: الفرح الأكبر، يستبشر، بلعبته يزدهي، بحلته يفخر، صوتٌ شجي، كغصن ينثني، بلابله تصفر...
العلاقة: نلحظ أن العلاقة بين هذين الحقلين علاقةٌ سببيّة؛ فحضور قيمة التسامحِ أفضى إلى الفرح والحبور

2.         الصور الشعرية:

يُحضرُ التشبيه بكثافةٍ في القصيدة، فقد رسم الشاعر من خلاله مجموعة من الصور التي تكشفُ قوّة التسامح والانسجام داخل مجتمعه، وسنسوق هنا جدولاً نحلّل فيه مجموعة من التشبيهات:

البيت
المشبه
المشبه به
أداة التشبيه
وجه الشبه
نوع التشبيه
3
هذا (الطفل)
غصن الربا
الكاف
الانثناء
مفصّل/مرسل
4
هذا (الطفل)
ريح الصَّبا
الكاف
الخَطْر
مفصّل/ مرسل
5
الصغار
باقة زهور
محذوفة
الإزهار
مفصل/ مؤكّد
6
صوت شجيّ
بلابل الروض
الكاف
محذوف
مجمل/ مرسل

تضطلع هذه التشبيهات بوظيفتين رئيستين: الوظيفية الأولى إضفاءُ طابعٍ جماليّ على روحِ القصيدة. ووظيفية ثانية تتأسس على منح القصيدة طاقة تعبيرية وبيانية.


3.         البنية الإيقاعية:

وظف الشاعر، على مستوى الإيقاعي الخارجي، بحرَ المتقارب (فعولن، فعولن فعولن، فعولن)، واعتمد قافيةً متداركة (/0//0)، ورويًّا موحّداً (حرف الراء). أما على مستوى الإيقاع الداخلي، فنسجلُ توظيفهُ جماعاً من التَّكرارات والموازنات الصوتية، نسوق أهمها فيما يلي:
·            تكرار التطابق: الصغار/ المسلمون/ حسبتهم/ هذا/ وحداً...
·            تكرار الاشتقاق: اتفاق، اتفق/ الكلّ، كلّهم/ الكبار، الأكبر...
·            تكرار التضاد (الطباق): الصغار، الكبار/ اجتمعوا، افترقوا/ الأبيض، الأسمر..
·            الموازنات الصوتية: فهذا بلعبته يزدهي/ وهذا بحلته يفخرُ/ وهذا كغصن الرُّبا ينثني/ وهذا كريح الصِّبا بخطرُ...
أسهمت هذه التكرارات والموازنات الصوتية، أوّلاً، في إضفاءِ توتّرٍ موسيقي وإيقاعي على بنية القصيدة، وثانياً، في تأكيد المعنى العام الذي يسعى الشاعرُ إيصاله.

4.         البنية الأسلوبية:

يهيمن أسلوبُ الخبر على القصيدة بقوّةٍ، فكلّ الجمل الواردة فيها خبريَّةٌ ما عدا البيت ما قبل الأخير الذي يضمّ جملةً إنشائية (التّمني)، وقد أسعفَ الخبرُ الشاعرَ في إيصال فكرته البادية في أهمية اعتناق التسامح قيمةً لبناءِ مجتمعٍ تنتفي فيه أسباب التّداعي.


V.                تركيبٌ وتقويمٌ:

يتغنّى الشّاعر في قصيدته بقيمة التسامحِ المتجليةِ في ائتلافِ كلّ فئات المجتمع المصري، على اختلافها الديني والعرقي، احتفاءً بعيد المسيح عليه السّلام. وقد وظفَ الشاعر، في عملية بناء القصيدة، بنية معجميةً يتوزَّعُها حقلا التسامح والفرح. ودبّج قصيدته بصورة شعرية أساسُها التشبيه المعبّر والـمُبين للمعنى. فضلاً عن ذلك اعتمد إيقاعاً خارجيا قوامه بحرُ المتقارب وقافية متداركة، وإيقاعاً داخليّاً عمادهُ التكرار والموازنة. وأعتقد أنّ القصيدة عبّرت عن قيمة التسامحِ داخل فضاءٍ يتعانق فيه الإبداع الشعري بقيم التحضُّر.



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-