مهارة كتابة إنشاء أدبي حول قضية نقدية | المنهج الاجتماعي


مهارة كتابة إنشاء أدبي حول قضية نقدية | المنهج الاجتماعي



مهارة كتابة إنشاء أدبي حول قضية نقدية | المنهج الاجتماعي 


| للسنة الثانية باك آداب وعلوم إنسانية |
| المكون: درس التعبير والإنشاء |
| أنشطة الاكتساب |
| نص الانطلاق: "النقد وعلم الاجتماع"، ص 236. |

إعداد الأستاذ: محمد البوعيادي


خطوات المهارة:


أولا: المقدمة:


- تحديد عام لجنس النص: النص مقالة نقدية.

- تحديد عام للموضوع: تتناول العلاقة التي تربط علم الاجتماع بالأدب.

- تعريف القضية:


أ‌. السياق التاريخي: وقد اتصل علم الاجتماع بالأدب فيما سمي المنهج الاجتماعي في النقد، وهو منهج ظهر في بداية القرن العشرين، بعد انتشار الفكر الماركسي، وظهور وظيفة جديدة للأدب تتلخص في خدمة الواقع الاجتماعي، وتم تطبيق المنهج أول الأمر على فن الرواية مع نقاد أوروبيين مثل جورج لوكاتش الذي طبق المنهج الاجتماعي لربط ظهور الرواية بظهور الطبقة البرجوازية.

ب‌. الخصائص:

 ويمتاز المنهج الاجتماعي بمجموعة من الخصائص تميزه عن باقي المناهج، فهو يعتبر النص الأدبي رسالة فكرية واجتماعية، كما يحاول دراسة تأثير الظواهر الاجتماعية بكل أنواعها على محتوى النص، ويعتبر أن كل كاتب ينطلق في إبداع النص انطلاقا من خلفيته الطبقية والاجتماعية والفئة التي ينتمي إليها.

ت‌. رواده:

 من أهم رواد المنهج الاجتماعي في العالم، نجد لوسيان غولدمان وجورج لوكاتش والناقد الروسي بليخانوف، وفي العالم العربي نجد محمود أمين العالم وغالي شكري ونجيب العوفي وإدريس الناقوري إلخ، ثم صاحب النص.

- الإشكال:

 فيا ترى، ما هي قضية النص المحورية، وما أهم عناصرها (القضايا الجزئية)؟ وكيف يمكن مناقشتها؟ وما طريقة العرض التي اتبعها الناقد في تقديم القضايا؟ وما أهم الحجج والأدلة التي استعملها؟ وأهم المصطلحات النقدية الواردة في النص؟ وما أشكال الاتساق والانسجام التي اعتمد عليها؟


ثانيا: العرض (التحليل):


- تحديد القضية الأساسية:


تتناول المقالة النقدية الماثلة أمامنا علاقة علم الاجتماع بالنقد الأدبي، حيث يؤكد الناقد عبد الرحمان عبد الحليم على وجود ترابط قوي بين علم الاجتماع بما هو علم يدرس الظواهر الاجتماعية السليمة والسلبية وبين النقد الأدبي بما هو تخصص يهدف إلى تفسير النصوص الإبداعية وتوضيحها وشرحها وتقريبها لذهن المتلقي، فبالنسبة للناقد يهدف المنهج الاجتماعي إلى تبيين كيفية تعبير الأدب والنصوص الإبداعية باختلاف أنواعها شعرا ورواية وقصة ومسرحا على ظروف المجتمع والحالة التي يعيشها الناس والأفراد داخل هذا المجتمع، فالأدب بالنسبة لهذا المنهج رسالة إنسانية مباشرة تكشف كل الظواهر السائدة.

- عناصر القضية (القضايا الجزئية):


وتتفرع هذه القضية إلى قضيتين جزئيتين.

أولها؛ قضية الحاجة إلى علم اجتماع الأدب أصلا، حيث يؤكد الناقد على أن علم اجتماع الأدب (المنهج الاجتماعي) يمكننا من استنطاق ظروف النص والبحث عن الأصول الاجتماعية التي جعلته يعبر بذلك الشكل ويحمل رسالته التوعوية، كما يهيء لنا التعرف على التطورات التي عرفتها حياة الأمة وخصائص الحياة العامة والقيم المنتشرة بين الناس وطبيعة المكان، حيث إنه يمكن للناقد الحق التعرف على مصدر النص فقط من خلال مضمونه، فيفهم مثلا لماذا ظهر فن المقامة في العراق، وفن الموشحات الغنائية في الأندلس والزجل في مصر...

ثانيها؛ قضية ثقافة الناقد الاجتماعي، فلابد لهذا الناقد كي يفسر النصوص تفسيرا سليما أن يكون مضطلعا على عادات وتقاليد المجتمع الذي يرغب في تحليل أدبه، إذ يشترط فيه معرفة طبيعة القيم الأخلاقية والدينية والفكرية السائدة داخل ثقافة العامة، ومعرفة طبيعة الأسر والأفراد مع مسح كامل لما يحدث داخل المجتمع من ممارسات سياسية ومظاهر اقتصادية وظواهر عامة وخاصة، كحدود الحريات الفردية والعامة وأشكال العبودية والظلم والتفكك أو الترابط الاجتماعي إلخ.



- مناقشة القضية:


وإذا كان المنهج الاجتماعي يركز كل هذا التركيز على الجانب الرسالي والمضموني في النص الإبداعي، فهل هناك فرق بين النص الأدبي والنص التاريخي أو الفلسفي أو نص علم الاجتماع؟ إذ إن كل هذه الأنواع من النصوص هي الأخرى قادرة على تقديم جرد للظواهر الاجتماعية وللقضايا الاجتماعية بطريقة أكثر وضوحا وأكثر تحليلا ومباشرة، فما الفائدة إذا من النص الأدبي، وما الفرق بينه وبين هذه النصوص؟. هناك من يجد أن اعتبار الأدب مجرد رسالة اجتماعية أمرا فيه تقزيم لطبيعة الأدب ولجماليته، فالمهم بالنسبة للنص الأدبي هو طرقه التعبيرية الجميلة ووسائله الفنية الممتعة وليس رسالته، وهذا هو اعتراض أتباع المنهج البنيوي، وأجد فيه جزءا من الصدق والصحة، فلا يمكن تسخير الأدب لإبلاغ الرسائل السياسية والاجتماعية وإغفال الجانب الجمالي الذي هو أساس الكتابة الإبداعية من الأصل، ولعل الحل لهذا الإشكال هو اعتماد الأدب في توصيل رسائله الفكرية ومضامينه النقدية على الرموز واللغة المجازية، حتى يقوم برسالته الإنسانية ويحتفظ في الآن ذاته بجماله الشكلي والفني.

- منهج العرض:


وتجدر الإشارة إلى أن النص الذي بين أيدينا اتبع طريقة استنباطية في طرح قضيته الأساسية وعناصرها الجزئية، فقد انطلق الناقد عبد الرحمان عبد الحليم من تعريف عام لعلم الاجتماع الأدبي، ثم أخذ يذكر جزئيات أكثر تفصيلا، مثل أهمية هذا المنهج وطرق توظيفه، وما يفترض أن يتسلح به الناقد الاجتماعي من معارف ووسائل، ليخلص في النهاية للتأكيد على قوة الصلة بين علم الاجتماع والأدب.

- البنية الحجاجية:


وفي سبيل توضيح القضية وتقوية طرحه، وظف الناقد مجموعة من الحجج المتنوعة، فلكي يبين أثر الواقع الاجتماعي في الأدب، استعمل حجة المثال، فأعطى مثالا على تأثير الاستعمار على الشعر المصري في بداية القرن العشرين، حيث نحا شعراءٌ كثرٌ إلى الدعوة للمقاومة وتحقيق الاستقلال من المستعمر الإنجليزي، مثل أحمد شوقي ومحمود سامي البارودي وحافظ إبراهيم إلخ، كما أعطى أمثلة عن علاقة المكان والمجتمع بطبيعة النص الأدبي، حيث تحدث عن المقامة وربطها بالعراق والأزجال وربطها بمصر والموشحات التي ربطها بالأندلس. يضاف إلى ذلك الحجج التفسيرية، فقد شرح ووضح وبين سبب أهمية توظيف وسائل علم الاجتماع في تفسير الأدب، كما فسّر أهمية معرفة الناقد بثقافة المجتمع في عملية تحليل النص الإبداعي.

- المصطلحات:


ولكي يدعم نصه وحججه أكثر، اهتم الناقد باختيار دقيق لمصطلحات تخدم قضيته، فنجده استمد مصطلحات من النقد الأدبي وأخرى من علم الاجتماع، مثل مصطلح البيئة الاجتماعية: ويقصد به الوسط الزمكاني الذي يتحرك داخله الأفراد وينسجون علاقات قيمية وتبادلية فيما بينهم، ومصطلح علم الاجتماع نفسه: والذي يفيد التخصص العلمي الإنساني الذي يدرس نشاطات الإنسان في بعدها العام، داخل شبكة من العلاقات بين الأفراد. ثم مصطلحات أدبية مثل الاتجاه الأدبي: ويقصد به التيار الذي يعطي تعريفا خاصا للأدب وعلى أساسه يحدد شروط الكتابة والإبداع ووظيفة النص الأدبي، كالتيار الاجتماعي الذي يعتبر الأدب رسالة تخدم قضايا المجتمع، ومثل الموشحات: ويقصد بها الأشعار المكتوبة لغرض الغناء، وقد انتشرت في العصر الأندلسي، والأزجال: ومفردها زجل، ويعني الشعر الشعبي الذي يعتمد اللغات المحلية، والمقامات: ومفردها مقامة، وهو فن سردي تراثي يعتمد تقنية السجع ويسرد مغامرات رجل ذكي وأديب ساخر والحيل التي يعتمدها لكسب قوت يومه..


- مظاهر الاتساق والانسجام:


وليُتم النص النقدي مهمته، كان من الضروري بناؤه بناء مُحكما من الناحية الشكلية والمنطقية، فقد ترابطت أجزاؤه واتسقت بالاعتماد على وسائل الاتساق التركيبي والمعجمي. كما اتضحت بعض معانيه وانسجمت أجزاؤه قياسا إلى المجهوذ الذهني غير المباشر الذي نقوم به نحن باعتبارنا قراء.

فأما وسائل الاتساق التركيبي فنجد الاعتماد على أدوات الوصل في مقدمتها، مثل حروف العطف، الواو خصوصا: "يتأمل ملامح العمل الفني [و] ويستنطق ظروف النص"، بالإضافة إلى حروف التعليل "[لأنه] يلفت الانتباه إلى الطريقة التي انعكست فيها التغيرات الاجتماعية"، والأسماء الموصولة "التحولات [التي] طرأت على المجتمع"، ثم نجد طرق الإحالة بعدها، مثل الضمائر المنفصلة في قول الناقد "والناقد الحق [هو] من يتفرس ويتأمل"، أو قوله "من أي إقليم [هو]" ومثل أسماء الإشارة :"فإن [هذا] كله يضفي لونا من القبول والصحة على العمل الأدبي". وقد ساهمت طرق الربط هذه في لحم أجزاء النص إلى جانب علاقات الاتساق المعجمية، مثل علاقة العموم، فنجده يذكر في الجملة الأولى التغيرات الاجتماعية، ثم يبدأ الجملة الثانية بمعنى أشمل وهو (العوامل الأخرى) :
"لأنه يلفت الانتباه إلى الطريقة التي انعكست فيها [التغيرات] الاجتماعية، و[العوامل الاجتماعية الأخرى]". فالتغيرات الاجتماعية جزء من العوامل التي تعتبر أشمل منها.

أما انسجام النص فقد تحقق باعتماد مبدإ السياق، لأننا فهمنا من عنوان النص أنه ذو طبيعة نقدية، لذلك كان طبيعيا أن نضع الحديث عن علم اجتماع الأدب في سياق الحديث عن المنهج النقدي، بالإضافة إلى مبدإ التشابه، فقد سبق لنا ورأينا نصا خاصا بعلم اجتماع الأدب في درس النصوص وبنينا عليه توقعاتنا، هذا دون أن ننسى مبدأ التغريض، لأن النص جاء مليئا بالكلمات المفاتيح التي تبين معناه وغرضه، مثل كلمات "علم اجتماع الأدب" و"المجتمع" و"البيئة الاجتماعية" و"الواقع الاجتماعي"، فكلها كلمات ومبادئ ساهمت في توضيح النص في أذهاننا.


ثالثا: الخاتمة (التركيب والتقويم):


- تلخيص أهم عناصر التحليل:


وخلاصة القول، إن النص الذي حللناه نص نقدي موضوعي، بين لنا الروابط التي تجمع علم الاجتماع بالنقد الأدبي، حيث يجتمعان فيما سُمي المنهج الاجتماعي في النقد الأدبي، وهو المنهج الذي يركز على كشف انعكاس الظواهر الاجتماعية في النصوص الإبداعية، وقد اعتمد على طرح القضية وفق منهج استنباطي، كما استعمل حجتي المثال والتفسير، بالإضافة إلى جهاز مصطلحي غني مستمد من الأدب وعلم الاجتماع، ناهيك عن توظيفه لأدوات اتساق متنوعة تركيبية ومعجمية، وتضمنه لآليات الانسجام التي وظفناها انطلاقا من أذهاننا لفهم المضمون والمعنى.

- إبداء الرأي الشخصي:


وفي تصوري الشخصي أجد النص النقدي محكما ومفصلا بشكل جيد، فقد أبرز لي أهم دوافع اعتماد المنهج الاجتماعي في تحليل وشرح النصوص الإبداعية، لكنه أغفل الحديث عن كيفية تعامل المنهج الاجتماعي مع الجانب الشكلي والفني في النصوص الإبداعية، فهي لا تقل أهمية على جانب المضمون والرسائل الفكرية التي تحملها النصوص.



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-