مهارة إنتاج نص حجاجي


مهارة إنتاج نص حجاجي


مهارة إنتاج نص حجاجي


جذع مشترك علوم

مكون التعبير والإنشاء

المجزوءة الأولى: نصوص مختلفة 
الكتاب المقرر: الرائد في اللغة العربية

نقدّم لكم درساً عن نص حجاجي، ونص حجاجي مكتوب، نموذج نص حجاجي. إنتاج نص حجاجي، ومهارة إنتاج نص حجاجي. 

نص الانطلاق:

تسود الخطاب العربي روح تشاؤمية، لا ترى في المستقبل ما يمكن أن يكون بديلا عن الحاضر، فما أكثر ما نسمع عن انسداد الآفاق وانغلاق المستقبل واستحالة التغيير. صحيح أن عوامل موضوعية ليست بالقليلة تراكمت عبر سنين جعلتنا نصل إلى هذا "الباب المسدود". إلا أن من بينها عاملا يبدو أننا لا نعطيه أهمية، وهو الإيمان بإمكانية التغيير ذاته، واعتناق فلسفة تنظر إلى الواقع على أنه ينطوي على قيمة.
 ولفحص هذه المسألة وجب التمييز بين موقفين:


-           أولهما ينفي عن الواقع كل تجاوز ويعتبر أن ليس في "الإمكان أبدع مما كان"، وأن كل تجاوز ممكن قد تحقق، وأن الواقع لا ينطوي على كل ما من شأنه أن يجعله غير ما هو عليه.
-          ثانيهما يعترف بأن بإمكان الواقع أن يعلو نحو قيمة، غير أن هذه القيمة قد تحققت في عصر ذهبي وعانقت الواقع ذات يوم. وإذا ما أردنا أن نرتفع بهذا الواقع نحوها، فلن يكون ذلك إلا عودة إلى ذلك الماضي الذهبي واسترجاع اللحظة المثال.
إن الواقع حسب ما يبدو لنا طاقة وقوة واندفاع، أو لنقل بتعبير "لوكيي": إنه تفاعل دائم بين ما هو كائن، وما ينبغي أن يكون، من هذه الرؤية يغدو الواقع ممكنات قابلة للتحقق، والأهم من ذلك أنها ممكنات لا حصر لها. فهذه الرؤية هي الشرط الضروري لكل تغيير فعلي، وهي وحدها التي تجعل الإنسان ارتماء في المستقبل وتحقيقا لإمكاناته البشرية، كما تجعل التغيير إنتاجا لواقع جديد وليس حنينا إلى ماض مات وانقضى، أو تعلقا بمستقبل وهمي لا سبيل إلى إدراكه.
إن الممكن لا يكون ممكنا إلا إذا اتسم باللامحدودية. أما إن اختزلت البدائل وغدت بديلا واحدا فإنها لن تكون ارتفاعا بالواقع نحو قيمة.
* المرجع: عبد السلام بن عبد العالي: بين بين، الصادر عن دار توبقال للنشر، ص: 76، 77، بتصرف.



بناء النص الحجاجي:

-          السيرورة الحجاجية في النص:

تتألف السيرورة الحجاجية التي سار وفقها الكاتب في نصه الحجاجي من ثلاث مراحل تتحدد وفق الجدول التالي:
الأطروحة                  
سيادة نظرة تشاؤمية إلى الحياة، وإغفال النظرة التفاؤلية التي تؤمن بإمكانية التغيير، وتضمن الواقع قيمة معينة.        
الأطروحة النقيض
موقفان سلبيان في نظرتهما إلى الحياة:
أ‌. موقف ينفي عن الواقع كل تقدم ويعتبر ما كان ليس في الإمكان إبداع أحسن منه.
ب. موقف يعترف بإمكانية علو الواقع نحو قيمة بالعودة إلى الماضي واسترجاع اللحظة المثال.


التركيب  
الواقع تفاعل دائم بين ما هو كائن، وما ينبغي أن يكون، لذا فهو ممكنات قابلة للتحقق، وبالتالي فالتغيير إنتاج لواقع جديد، وليس حنينا إلى ما مضى، أو تعلقا بمستقبل وهمي.

استنتاج: 

يستوجب بناء نص حجاجي تحديد مراحل بنائه الثلاث، وهي:
أ‌.    الأطروحة، التي تتمثل في إدراج فكرة مركزة في الفقرة الأولى، لتكون موضوع الحجاج.
ب‌. نقيض الأطروحة، الذي يتمثل في استعراض الرأي أو الآراء المخالفة والعمل على تفنيدها ونفيها.
ج. التركيب، الذي يتمثل في إثبات الأطروحة التي تم الانطلاق منها في بداية النص.

- طرائق البرهنة والاستدلال:

أ. اعتماد لغة خبرية تقريرية مباشرة تتميز بموضوعيتها، والتزامها الواقعية، وتقوم على دقة الألفاظ والمعاني.
ب. ارتكازها على الأسلوب الاستنباطي، إذ عرض الكاتب قضيته في شموليتها، وسعى من خلالها إلى استنباط موقفين نقيضين، واستخلاص بالتالي تركيبة منسجمة.
ج. الاحتجاج بحجج لتقوية موقفه والاستدلال عليه: - حجة مقتبسة عن لوكيي، وحجة منطقية: الممكن لا يكون ممكنا إلا إذا اتسم باللامحدودية، وحجة واقعية: تسود الخطاب العربي روح تشاؤمية.


د. استخدام ضميمات لغوية: - الاستدراك: إلا أن، بل، غير أن... السببية: لام التعليل، التردد: ربما، إما... وإما... الإثبات والتوكيد: صحيح أنّ... ما أكثر ما، إن، الواقع...
توظيف علامات الترقيم التي تتيح إمكانية التريث واستيعاب المقول في استرساله.
ه. تفصيل الكلام والتدرج تبعا لعلاقات منطقية، تخلص به إلى تركيب منسجم.


استنتاجات:

يعتمد الخطاب الحجاجي على طرائق للبرهنة والاستدلال بغية الإقناع بمقوله وتحقيق بلاغته الإقناعية، وهي طرائق ترتبط باللغة وأسلوب الكتابة وتقنياتها، وروابطها، والحجج التي تستحضرها.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-