الخطاب الإشهاري | الأثر السّلبي للإشهار





المستوى: أولى باك علوم
المكون: النّصوص/ الخطاب الإشهاري

الأثر السّلبي للإشهار

أدّت بعض المُمَارسات الإشهارية إلى ظُهور العديد من السلبيات المثيرة للقلق لدى الرأي العام المستنير، إذ علت الأصوات مُنَادية بضرورة المواجهة الصريحة لها من قبل الجهات الحكومية المسؤولة، ومؤسسات المجتمع المدني والرأي العام، لتدارك هذه السلبيات حتى لا تتفاقم، ويصعب عندئذ علاجها.
ومن خلال ملاحظة واقع الإشهار وتحليل مضمون رسائله، خاصة في السنوات الأخيرة، أمكن رصد بعض هذه السلبيات، التي واكبت حالة الرواج الإشهاري التي غلب عليها طابع العشوائية كمّاً ونوعاً، ممّا جعل تلك السلبيات تشكّل أحد مظاهر التلوّث السمعي والبصري والثقافي والقيمي في المجتمع من خلال العشرات من الملصقات الإشهارية؛ وذلك بما تحمله من صور وعبارات تتدنى بالذوق العام لضعف مستواها الفني، بالإضافة إلى الإشهارات التجارية الاستفزازية؛ مما أدى إلى خلق اتجاه معاد للإشهار، والشعور بأنّه مادّة مفروضة على المتلقي تنتقص من حريته في الاستمتاع بما يفضله من مواد وفقرات.


ومما يثير الانتباه أنّ الفضاء العام يزدحم بقضايا نتجت عن سوء استخدام الإشهار، وعدم ترشيد إمكانيات وسائل الاتصال بالشكل الذي يجعل من النشاط الإشهاري أمراً مفيداً للجمهور والمجتمع، بالإضافة إلى فوائده التجارية والمالية لكل من المُعلن وشركائه. ومن أهم القضايا التي تناولتها بعض الكتابات استغلال صورة المرأة في الإشهار، وربط الإشهار بالفوز بجوائز؛ حيث انتشر هذا المدخل في إشهارات السلع الاستهلاكية لحثّ الجمهور على الشراء من خلال إغرائه المستمر بالجوائز المالية والذهبية والعينية، حتى أصبح أغلب الأطفال والشباب يلهثون وراء هذه المسابقات على أمل أن يطرق الحظّ بابهم. وغني عن البيان ما لهذه الإشهارات من دور سلبي يتجلّى في غرس روح التواكل وحب التملّك والقضاء على قيم العمل والاجتهاد.

وعلى الرغم من وجود قوانين تُنظّم علاقة هذه الوسائل بالإشهار؛ فإنّ الواقع يبرز عدم الالتزام بتنفيذها، إمّا لغياب الوعي بخطورة الإشهار، أو سعياً لتحقيق أعلى العائدات المالية، بغض النظر عن مراعاة القيم والصالح العام. وأملاً في تنظيم الإشهار في وسائل الإعلام، تبرز أهمية الحاجة إلى ترسانة تشريعيّة تعمل على إرساء قيم حضارية وجمالية أصيلة قادرة على الاستجابة لخصوصية المجتمع وقيمه ومساعيه للتنمية الشاملة.

-              منى الحديدي، "الإعلان؟"، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، الطبعة الثانية، 2002، ص 155 ومابعدها، بتصرف.






حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-