دروس أولى باك: الخطاب السياسي والكذب






توفّر لكم مدوّنة منهجيّتي مجموعة من دروس الأولى باك؛ وهي دروس الاجتماعيات أولى باك، ودروس الاجتماعيات اولى باك، كما سنعمل لاحقاً على توفير دروس التربية الاسلامية اولى باك، دروس اولى باك، دروس الاولى باك، بالإضافة إلى ملخصات دروس الاجتماعيات اولى باك، وأيضاً ملخصات دروس التربية الاسلامية اولى باك، ودروس على شكل تلخيص دروس الاجتماعيات اولى باك، وملخصات دروس الاجتماعيات اولى باك علوم تجريبية  pdf

المستوى: أولى باك علوم تجريبيّة
المكون: النّصوص/ الخطاب السياسي
    إعداد الأستاذ: ع. الرّحيم دَودِي


الخطاب السياسي والكذب


1.         إنّ عالم السيّاسة لا يتكوَّن من أشياء ومفاهيمَ ومعانٍ؛ ولكنْ من قُوى وبرامجَ ومشروعاتٍ مجتمعيّة متصارعةٍ؛ يقودها أفرادٌ أو أحزابٌ. وبناءً على ذلك، يمكن تعريف السياسة بأنها فنّ ممارسة الصراع مع قُوى مخالفة للوصول إلى السلطة والحُكم: فأنْ تُمارس السّياسة معناهُ أن تستعمل كلَّ ما في وسعك من قوةٍ لتتغلّب على قوة الخصم. وهذا ما يجعلُ السياسة من جنس الحرب، أو بالأحرى، هي الوجه الآخر للحرب واللعب معاً؛ مما يجعلها تأخذ من هذين الفنّين جزءاً من طبيعتها؛ علماً بأنّ هذه الفنون الثلاثة تشترك في رهان واحدٍ هو تحقيق النصر. ولما كان الانتصار في الحرب يقتضي-بجانب المعرفة والحنكة- ممارسة الخديعة؛ فإن صاحب السياسة سيكون مضطراً، هو أيضاً، إلى ممارسة ضروب من المناورة والمخادعة والافتراء والتعميّة وإخفاء الأسرار؛ أيْ ممارسة الكذب لتحقيق النّصر: فالسياسي لا ينتصر بالقوة فقط؛ وإنما بالحيلة والخدعة أيضاً.


2.         وإذا كانت القوة هي ما يجعل سياسيا ما يتميّز عن غيره؛ فإنّ الذي يصنعها-في الغالب- هو قُدرته على الخطابة؛ أي على استمالة الجمهور؛ إذ بقدر ما يكون للسياسيِّ من جمهور تكون لهُ القدرة على التأثير في الفضاء السياسي. والجمهور في الأنظمة الديموقراطية، خاصّةً، لا يمكن أن يستمِيلهُ السياسي إلا بحُسن الخطاب: فالقادر على اختلاق صور جديدةٍ، وأوهامٍ خلابةٍ، وأحلام فاتنة-ولو أنّها مستحيلة- هو من يستطيع أن يكسبَ معركةَ القوة ضد خصمه.


3.          أمامَ هذا الواقع نجد أذهاننا تمتلئ أسئلةً: هل من حقنا أن نتساهل مع الكذب؛ فنسمحَ به في بعض الحالات الاستثنائية حينما يكون مفيدا لنا كأفراد وجماعات؟ هل بوسعنا أن نتكلم، أحيانا، عن "واجب" السياسي في الكذب تحت ذريعة اتقاء شرٍّ مرتقبٍ أو ضماناً للمصالح العليا للبلد؟
4.         من المستحيل الكلام عن استثناءٍ ما بالنسبة إلى قاعدة الصدق؛ أي الكلام عن "الحق في الكذب"؛ لأنه متى سمحنا بأي استثناء-وتحت أي ظرفٍ أو مسوِّغ كانَ- فسنقوم بإفساد الأساس الذي يقوم عليه الحقّ والصدق، وستختلطُ الفضيلة بالرذيلة. هذا علاوة على أنّه لا يُمكن تبرير "الحق في الكذب" بالنفع والفائدة.


5.         إنّ السياسة هي التي عليها أن تخضع لضوابط الحق: فالصدق يبقى مقدَّسا، ولا يقبل أي استثناء أو مرونة. وبعبارة أخرى، لا يمكن الكلام عن الحق في الكذب؛ حتى ولو كان مُفيداً للدّولة والجماعة، أو دافعاً للشرّ عنهما.
6.         لم يكن غرضنا من إبراز العلاقة المتينة بين السياسة والكذب أن ندعوَ إلى المصالحة بينهما؛ لأن من شأن ذلك أن يَؤُولَ إلى الشّك في العمل السياسي، وأن يثبِّط عزيمة من له همّة محاربة مظاهر التزييف والضّلالة في السياسة، بل كانت غايتنا التنبيهَ على خطورة انزلاق السياسة نحوَ الرياء والنفاق والخداع والافتراء والكذب. وإذا كان لا أملَ في استئصال الكذب من السياسة؛ لكونه يدخل في جوهرها بوجهٍ ما؛ فليس معنى ذلك أن نستسلمَ لحبائله، ونتركه يفسد الطبيعة السياسية للإنسان.

- هل يمكن الحديث على "الحق في الكذب في المجال السياسي"، مجلة عالم الفكر، العدد1، المجلد 2009، ص38.  




تعليقات