للسنة الثانية من سلك الباكلوريا – مسلك الآداب والعلوم الإنسانية
برز
سؤال الذات في الشعر
الحديث، انطلاقاً من سعي بعض الشعراء إلى تجاوز التقاليد الشعرية التي رسّختها التقليدية، فدعا هذا الخطاب إلى جعل الذات
مصدر الإبداع الشعري وبؤرته، عوض محاكاة قصائد القدمى. وقد مثّل هذا الإبدال
الشعري التجديدي جملة من الشعراء انتظموا في مدارس مختلفة التوجهات مؤتلفة النُسغ
والجوهر:
جماعة
الديوان؛
جماعة
المهجر؛
جماعة
أبولو.
قراءة العنوان:
يتكون العنوان من كونين دلاليين متصاقبين؛ أولهما الشعر بما هو كلام منظوم خاضعٌ لأقانيم الوزن والقافية والروي، وثانيها الرومانسية بما هي إبدالٌ شعري يحملُ رؤية جديدةً للحياة والإنسان والإبداع.صاحب النص:
عبد المحسن بدر، ناقد عربي متمرس، عرف باهتمامه بالأدب دراسة مسحيّة قوامها المنهج التاريخي، ويعد كتابه "دراسات في تطور الأدب العربي" من أهم الكتب التي تجسد حضور تصور الاستقصاء التاريخي والفني في دراسة الأدب لديه.مصدر النص:
عبد المحسن طه بدر، دراسات في تطور الأدب العربي الحديث، دار المستقبل العربي، ط1/1993، ص55 وما بعدها بتصرف.فرضية قراءة النص:
استنادا إلى كلِّ هذه الملاحظات، نفترض بأن النص عبارة عن مقالة نقدية ذات صبغةٍ نظرية، سيقف فيها الكاتب عند سمات الخطاب الرومانسي وأبعاده الفنية ورواده. فإلى أي حد تجسدُ هذه المقالة مقومات الكتابة النقدية النظرية، وما خصائصها المنهجية والأسلوبية؟قضايا النصّ:
وقوف الناقد عند أبرز الشعراء الذين مثلوا الخطاب الرومانسي، فنسفوا وظيفة
الدعاية في الشعر واستعاضوا عنها بالتعبير عن اختلاجات الذات في عنفوانها؛
وانكساراتها. ومثال مدرسة الديوان دالّ، فقد رفض شعراؤها محاكاة الشعراء القدماء
وفضلوا التعبير عن لواعجهم، وأشواقهم، ومناحاتهم الذاتية؛
إبراز الناقد أن
الشعراء الرومانسيين رفضوا تقليد الشعر القديم وفضلوا محاكاة القصائد الغربية،
الأمر الذي أدى إلى غموض قصائدهم في بعض الأحيان، نظراً لأنهم لم يستطيعوا تمثّل العمق
الفلسفي والتاريخي لهذا الشعر، فسقطوا بذلك في الضبابية والإبهام؛
بيان الناقد أن
تعبير الشعراء العرب عن الذات ظلّ تعبيراً عاماً فضفاضاً لم يلامس الصدوع المنشرخة
في النفس ملامسةً شفيفةً وذلك لعدم قدرتهم على استبطان التجربة الرومانسية الغربية
استبطانا عالماً؛
إشارة الناقد إلى
أن عملية التغيير التي قام بها الشعراء الرومانسيون عملية جزئية وليست جذرية إذ
ظلّوا يتصيدون الاستعارة القشيبة ولم يغيروا البنية العروضية إلا جزئياً؛
من خلال استعراض
قضايا النص، يتراءى لنا أن الكاتب قام بعرضها بشكلٍ نظري عامٍ يتقصد توضيح تصورات
شاملة لا تفكيك بنية نموذجية؛ وهذا مؤشر على أننا بإزاء تحليل نص نقدي ذي صبغة
نظرية.
الجهاز المفاهيمي:
حقل الإحياء: وظيفة
الدعاية، الشاعر الإحيائي، الخضوع للوظيفة الدعائية، التراث العربي القديم، الأحكام
المطلقة والمثالية...
حقل
الرومانسية: الشعر
الرومانسي؛ مدرسة الديوان، مدرسة المهجر، مدرسة أبولو، إحساس ذاتي، نفسية
الشاعر، الحرية الفردية، المرأة الحلم،
الجمال، اليأس، التلذذ والألم...
جاء
معجم النص مثقلا بترسانة مفاهيمية مركبة. تنهل رؤاها من حقليين معرفيين رئيسين
متناقضين ومتنافرين. إذ زاوج الكاتب بين مفاهيم تنتمي إلى خطاب الإحياء ومفاهيم
أخرى تنتمي إلى الخطاب الرومانسي، وذلك بغرض الكشف عن فرادة الخطاب الرومانسي
وخصائصه المميزة، ويبدو أن الكاتب قد نحا نحواً نظرياً في استعراض هذه المفاهيم
فلم يوظفها باعتبارها أدواتٍ إجرائية تفكك نصوصاً إبداعية، وهذا ما يؤشر على أننا
بإزاء تحليل نص نقدي ذي طابع نظري.
الإطار المرجعي:
استند الكاتب في استعراض خصائص الخطاب الرومانسي إلى إطار مرجعيٍّ صلدٍ ومتوالج الأبعاد ويمكن حصره فيما يلي:
القيم
البورجوازية؛
الديانات
الشرقية؛
التصوف
الإسلامي.
طرائق العرض:
طريقة الكاتب: وظف الكاتب منهجاً استنباطياً انطلق بموجبه من قضية عامة وهي الحديث عن التيار الرومانسي باعتباره حدثاً فنيا طارئاً بعد ذلك طفق يفصل القضية إلى جزئياتها فتحدث عن خصائص هذا التيار ورؤاه ودعائمه الرئيسة. وقد أكسب هذا المنهج النص اتساقاً والتحاماً دلالياً ومنطقياً.
إلى
جانب ذلك، اعتمد الناقد على نظام الفقرات المتلاحمة والمتناسلة عبر اتساق منهجي
ينطلق من مقدمة إلى عرض وينتهي بخاتمة، ويهتدي بالربط الترقيمي الدقيق المقوّم
للمعنى.
الخصائص اللغوية:
وظف الناقد لغةً تقريرية تقنية ذات بعد علمي يهتدي بمنطق المسح التاريخي للأسباب والأشراط الموضوعية المفجرة لتيار الرومانسية. إنها لغة دقيقة واضحة المعنى بيّنتهُ.
آليات البرهنة والتفسير:
الاستشهاد: وتمثله في النص أقوال مخائيل نعيمة وأشعار محمود طه.../ التفسير: وبتعبير آخر، فإن نجاح محاولة التجديد يتمثل أولاً.../ الاستنتاج: ونتيجة للنظر إلى الشعر.../ المقارنة: المقارنة بين خطاب الإحياء وخطاب الرومانسية