[حصريّ للغايَة] التكنولوجيا والثقافة | المهدي المنجرة





الإنسان والتكنولوجيا: التكنولوجيا والثقافة | المهدي المنجرة






الإنسان والتكنولوجيا: التكنولوجيا والثقافة | المهدي المنجرة

السنة الأولى من سلك البكالوريا، مسالك العلوم؛
واحة اللغة العربية، ص 60/61



         .      ملاحظة النّص:

      انطلاقاً من قراءة بداية النص، وملاحظة مصدره، نفترض أنه مقالة حجاجية تفسيرية ستعالج موضوع التكنولوجيا وعلاقتها الجوهرية بالثقافة والفكر.

    I.     فهم النّص:

1.                 القضيّة الرئيسة:

 يُبيّن الكاتبُ أنّ التقدّم التكنولوجي لا يرتبطُ بعملية استيرادٍ أو نقلٍ تقني بل إنّه فعلُ استنباتٍ ثقافيٍّ يرتهنُ بخلق الشروطِ الدّاخلية لاستيعاب التقنية وفق مبادئ الإبداع والابتكار.

2.                 عناصر القضيّة:

                      يؤكّد الكاتبُ أنّ التقدم التكنولوجي لا يتأسّس على نقل العلوم التطبيقيّة الجاهزة، بل يرتهن بالإبداع داخل الحقيقة الثقافية والاجتماعية لمجتمع ٍ معينٍ؛
                     يعتبر الكاتب أنّ العلم والتقنية مكوّنان عضويان في الثقافة ويفضي انصهارهما في الثقافة إلى تحقيق النمو الاجتماعي والاقتصادي؛
                      يرى الكاتب أنّ اصطلاح نقل التكنولوجيا كذبةٌ كبيرة؛ لأن الاستيراد الأعمى يؤدّي إلى الإفقار المعرفي. ويدعو إلى العمل والبحث والإبداع وتنشيط الابتكار؛
                      يشدّد الكاتبُ على أنّ القيم الثقافية هي المحرّك الأساس للمجتمع، لهذا على العلم والتكنولوجيا أنْ ينصهرا في الثقافة بشكل خلّاق؛
                     يوضّح الكاتب أنّ المجتمع الياباني استوعبَ التكنولوجيا وفقَ متاحه الثقافي مما أكسبَ تكنولوجيته روحاً يابانيّة متفرّدة؛
                      يستنتجُ الكاتبُ أنّ الإبداع التكنولوجي يرتبطُ بالإرادة السياسية الحقيقيّة الساعية إلى توفير جو الحريّة لأصحاب المواهب العلميّة مع إيقاف زيف هجرة الأدمغة.


     II.     تحليل النّص:

1.                 الحقول الدلالية:

حقل التقنية: التقدم التكنولوجي، استيراد التقنيات، العلوم التطبيقية، العلم والتقنية، نقل العلوم والتكنولوجيا، الفنيين، المنتج التكنولوجي، التمكن من التكنولوجيا، التكنولوجيا...
حقل الثقافة: الوجهتين الثقافية والاجتماعية، المكونات العضوية في الثقافة، اجتماعيا، البيئة الثقافية، نسق ثقافي، القيم الثقافية، القيم المجتمعية، ذوق الإنسان الياباني...

                 نستشف أن العلاقة الرابطة بين هذين الحقلين، حسب النصّ، هي علاقة تكاملٍ وتماهٍ؛ إذ لا تقنية بدون سياقٍ ثقافيّ يحتضنها ويمنحها روحاً...


2.                 البعدُ الحجاجي:

                      المنهج الاستدلالي/ طريقة الكاتب:
وظّف الكاتبُ منهجاً/ أسلوباً استنباطياً انطلقَ بموجبه من قضيّة عامةٍ مؤداها استحالةُ تحقيقِ تقدّم تكنولوجي في ظلّ غياب نسقٍ ثقافي يُكسب التكنولوجيا روحاً متفرّدة. بعد ذلك انتقل إلى عرضِ عناصر هذه القضيّة مؤكداً أنّ نقل التكنولوجيا كذبةٌ كبيرةٌ وممثّلاً لبعضِ المجتمعات التي استوعبت التكنولوجيا داخل نسقها الثقافي. وعموماً فقد أسهم هذا المنهج في اتساق النّص منطقياً وانسجامه دلاليًّا.
                      التدرُّج المنطقي:
عرضَ الكاتبُ أفكارهُ وفقَ نظامٍ منهجيٍّ قوامه التدرُّج المنطقي؛ إذْ انطلقَ من مقدمة حدّد فيها استحالة التقدّم المنهجي دونَ الإنصات لمعطيات الثقافة. بعدها انتقل إلى العرضِ مبيناً علاقة التقنية بالثقافة ومنكراً اصطلاحَ نقل الثقافة ومقدّما مثال اليابان في استيعاب التكنولوجيا داخل البنية الثقافية. ليخلص في الخاتمة إلى التأكيد على ضرورة وجودِ إرادةٍ سياسية حقيقيةٍ تنطلقُ من مبدإ الكفاءةِ والاحتضان العلمي.
                      أساليب التّفسير/ أساليب الحجاج:
وظّف الكاتب جماعاً من أساليب التفسير وذلك بغاية إقناعِ المتلقي بوجهة نظره ودفعه إلى اعتناقها، ومن أهمّ هذه الأساليب ما يلي:
                  أسلوب التأكيد: إنّ مشكلة التقدم التكنولوجي/ إنّ الأمر الأساس الذي يجب التركيز عليه هو أنّ العلم.../ إنّ العلم والتقنية لا يمكن نقلهما...
                  أسلوب النفي: ليس هناك شيء يمكن تسميته بنقل التكنولوجيا/ ليس بحال استيراداً للتكنولوجيا...
                  أسلوب التّعليل: لأنهما نتاج نسق ثقافي...
                  أسلوب الاستنتاج: فهناك إذن إبداع ذاتي وبدون هذا الإبداع الذاتي لا يمكن التحدث عن التكنولوجيا...
                 أسلوب التمثيل: نجد أن اليابانيين بالرغم مما يشاع عنهم لم ينقلوا التكنولوجيا...


3.                 البعد اللغوي الأسلوبي:

وظّف الكاتبُ لغةً تقريريّة سلسةً واضحةَ المبنى والمعنى وتنزعُ منزعاً تحليلياً. إلا أنّه استدمجَ، في بعضِ المقاطعِ، جملاً تصويريّة، تنطوي على استعارات قشيبة، غايتها كسرُ الرتابةُ واستفزاز ذهن القارئ، وأَبْرَزُ هذه الجمل: ينمو داخليا في قلب الحقيقة الإنسانية/ انصهار العلم والثقافة/ أصبح يعيش حالة نزيفٍ مستمرٍ لأدمغته وذوي القدرات فيه...
يهيمنُ على النص الأسلوبُ الخبري ومن الأمثلة الدالة عليه: إنّ مشكلة التقدم التكنولوجي/ إن الأمر الأساس/ إن العلم والتقنية لا يمكن نقلهما/ إن العامل الأساس في نجاح الإبداع التكنولوجي. نلحظُ أن هذه الجملَ الخبرية وردت مُؤَكّدة بأداةِ تأكيدٍ واحدةٍ ما يعني أنها تفيد الخبر الطلبي الموجَّهَ، أساساً، إلى شخصٍ مترددٍ بُغية إقناعه...




III.     تركيب وتقويم:


ينبني النّص على أطروحةٍ مركزيّة مفادُها: استنادُ التقدّم التكنولوجي إلى القيمِ الثقافية للمجتمعِ؛ لأن التكنولوجيا النابعة من روح الثقافة تشكّل محرّكاً رئيساً للإبداعِ والابتكار. وللدفاع عن هذه الأطروحة وظّف الكاتبُ معجماً ينوسُ بين حقلِ التقنية وبين حقل الثقافة، كما أنه اعتمد منهجاً استنباطيا تبدّى في تدرُّج الأفكار من العام إلى الخاص. فضلا عن هذا المنهج اعتمد الكاتب دزينة من أساليب التفسير، التي اتخذت من التأكيد والاستنتاج والتمثيل منطلقاً لها، وذلك بغرضِ إقناعِ القارئ والتأثير عليه. وأعتقدُ أنّ الكاتبَ يحمل تصوراً وجيهاً فالتكنولوجيا ينبغي أنْ تُسْتنبَتَ من رحمِ ثقافة المجتمعِ لتعكس أفكاره وأحلامه، وليس أن يتمّ استيرادها من الخارج بشكلٍ أعمى، جافّ، وآلي...



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-